يا أيها الملك المبدي لنا صجرا |
|
لو كان صخر يعرض الأرض ما ضجرا |
ما بال شيخك مخنوقا بجرّته |
|
طال المطال به دهرا وقد كبرا |
ومرّ حول ونصف ما يرى طمعا |
|
يدنيه منك وهذا (١) الموت قد حضرا |
قد جاء يرعد كفّاه لمحجنه |
|
لم يترك الدّهر من أولاده ذكرا |
قد بشّرته أمورا فاقثأرّ لها |
|
وقد حنا ظهره دهر وقد غبرا |
نادى وكلكل هذا الدّهر يعركه |
|
قد كنت يا ابن أبي سفيان معتصرا |
فاذكر أباك أبا سفيان إنّ لنا |
|
حقا عليه وقد ضيّعته عصرا |
فلما قرأ الكتاب دعا به فقال : كيف أنت؟ وكيف عيالك وحالك؟ فقال : ما تسأل يا أمير المؤمنين عمّن ذبلت بشرته ، وقطعت ثمرته فابيضّ الشّعر ، وانحنى الظهر ، فقد كثر مني ما كنت أحب أن يقلّ ، وصعب مني ما كنت أحبّ أن يذل ، فأجمت النساء ، وكنّ الشّقاء ، وكرهت المطعم وكان المنعم ، وقصر خطوي وكثر سهوي ، فسحلت مريرتي بالنّقض ، وثقلت على وجه الأرض ، وقرب بعضي من بعض ، وضعفت ودلّ وكلّ فقلّ انحياشه ، وكثر ارتعاشه ، وقل معاشه ، فنومه سبات ، وفهمه تارات ، وليله هبات كمثل قول عمك :
أصبحت شيخا كبيرا هامة لغد |
|
يرنو لدى جدثي أو لا فبعد غدي |
أردى الزّمان حلوباتي وما جمعت |
|
كفّاي من سبد الأموال واللّبد |
حتى إذا صرت من مالي ومن ولدي |
|
مثل الخليلة سبروتا بلا عدد |
أرسى يكدّ صفاتي جدّ معوله |
|
يا دهر قدني ما تبتغيه قد |
والله لو كان يا خير الخلائف ما |
|
لاقيت في أحد ذلّت ذرى أحد |
أو كان بالغرد الجوّال لانصدعت |
|
من دونه كبد المستعصم الغرد |
لمّا رأى يا أمير المؤمنين به |
|
تقلّب الدهر من جمع إلى بدد |
وأبصر الشيخ في حلقومة نقعت |
|
منه الحشاشة بين الصّدر والكبد |
رام الرّحيل وفي كفّيه محجنه |
|
يؤامر النّفس في ظعن وفي قعد |
إمّا جوار إذا ما غاب ضيّعها |
|
أو المقام بدار الهون والفند |
إما جوار إذا ما غاب ضيّعها |
|
أو المقام بدار الهون والفند |
فأسمحت نفسه بالسّير مغتربا |
|
وإن تحرّم في تامورة الأسد |
__________________
(١) الأصل وم : وهو ، والمثبت عن المختصر.