وقال آخر : وددت لو أن لي قوة فأمتح (١) بدلو [من](٢) زمزم لحجاج بيت الله ، فقال عمر : وددت أنّ لي رجلا مثل عمير بن سعد أستعين به على أعمال المسلمين.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي محمّد بن محمّد بن أحمد بن المسلمة ، أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقرئ ، أنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، أنا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى العطار ، نا أبو حذيفة إسحاق بن بشر ، نا خالد بن كثير السعدي ، عن محمّد بن مزاحم.
أن عمر بن الخطّاب كان استعمل بعد موت أبي عبيدة بن الجرّاح على حمص عمير بن سعد الأنصاري ، فأقام بها سنة ، فلمّا أقام بها سنة كتب إليه عمر بن الخطّاب :
إنّا بعثناك على عمل من أعمالنا ، فما ندري أوفيت لعهدنا (٣) أم خنتنا ، فإذا جاءك كتابي هذا ، فانظر ما اجتمع عندك من الفيء فاحمله إلينا ، والسلام.
فقام عمير حتى انتهى إليه الكتاب ، فحمل عكازته ، وعلق فيها إداوته وجرابه فيه طعامه وقصعته فوضعها على عاتقه ، حتى دخل على عمر ، قال : فسلّم ، فردّ عليهالسلام ، وما كان يردّ.
فقال : يا عمير ، ما لي أرى بك من سوء الحال ، أمرضت بعدي أم بلادك بلاد سوء؟ أم هي خديعة منك لنا؟ قال : فقال عمير : ألم ينهك الله عن التجسس؟ ما ترى بي من سوء الحال؟ ألست طاهر الدم ، صحيح البدن ، قد جئتك بالدنيا أحملها على عاتقي ، قال : يا أحمق ، وما الذي جئت به من الدنيا؟ قال : جرابي فيه طعامي وإداوتي فيه وضوئي ، وشرابي وقصعتي فيها أغسل رأسي ، وعكازتي بها أقاتل عدوّي ، وأقتل بها حيّة إن عرضت لي.
قال : صدقت يرحمك الله ، قال : فما فعل المسلمون؟ قال : تركتهم يوحّدون ويصلّون ، ولا تسل عن ما سوى ذلك ، قال : فما فعل المعاهدون؟ قال : أخذنا منهم الجزية عن يد وهم صاغرون ، قال : فما فعلت فيما أخذت منهم؟ قال : وما أنت وذاك يا عمر ، اجتهدت واختصصت نفسي ، ولم آل ، إنّي لما قدمت بلاد الشام جمعت من بها من المسلمين ، فاخترنا منهم رجالا فبعثناهم على الصدقات ، فنظرنا إلى ما اجتمع ، فقسمناه بين
__________________
(١) الأصل : فأمنح ، والمثبت عن المعجم الكبير ، وسقطت اللفظة من م.
(٢) الزيادة عن المعجم الكبير.
(٣) في م : بعهدنا.