المهاجرين وبين فقراء المسلمين ، فلو كان عندنا لبلغناك.
قال : فقال : يا عمير جئت تمشي على رجليك ، أما كان منهم رجل يتبرع لك بدابة ، فبئس المسلمون وبئس المعاهدون ، أو ما إني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
«ليلينهم رجال إن هم سكتوا أضاعوهم ، وإن هم تكلموا قتلوهم» [١٠١١٩].
وسمعته يقول : «لتأمرن بالمعروف ولتنهينّ عن المنكر ، أو ليسلطنّ الله عليكم شراركم ، فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم» [١٠١٢٠].
فقال : يا عبد الله بن عمر هات صحيفة نجدد لعمير عهدا ، قال : لا والله لا أعمل لك على شيء أبدا لكم ، قال : لأني لم أنج وما نجوت لأني قلت لرجل من أهل العهد : أخزاك الله ، وقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «أنا ولي خصم المعاهد واليتيم ، ومن خاصمته خصمته» [١٠١٢١] فما يؤمنني أن يكون محمّدا صلىاللهعليهوسلم خصمي يوم القيامة؟ ومن خاصمه خصمه.
قال : فقام عمر وعمير إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال عمير : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أبا بكر ، ما ذا لقيت بعدكما ، اللهمّ ألحقني بصاحبيّ لم أغيّر ، ولم أبدّل ، وجعل يبكي عمر وعمير طويلا ، فقال : يا عمير الحق بأهلك ، ثم قدم على عمر مال من الشام ، قال : فدعا رجلا (١) من أصحابه يقال له حبيب ، فصرّ مائة دينار ، فدفعها إليه ، فقال : ائت بها عميرا ، وأقم ثلاثة أيام ثم ادفعها إليه ، وقل : استعن بها على حاجتك ، قال : وكان منزله من المدينة مسيرة ثلاثة أيام ، وانظر ما طعامه وما شرابه.
قال : فقدم حبيب فإذا هو بفناء بابه يتفلى ، فسلّم عليه ، فقال : إنّ أمير المؤمنين يقرئك السلام ، قال : عليك وعليهالسلام ، قال : كيف تركت أمير المؤمنين؟ قال : صالحا ، قال : لعلّه يجور في الحكم قال : لا ، قال : فلعلّه يرتشي؟ قال : لا ، قال : فلعلّه وضع السوط في أهل القبلة؟ قال : لا ، إلّا أنه ضرب ابنا له فبلغ به حدا فمات فيها ، قال : اللهمّ اغفر لعمر ، فإنّي لا أعلم إلّا أنه يحبك ويحب رسولك ، ويحب أن يقيم الحدود ، قال : فأقام عنده ثلاثة أيام ، يقدّم إليه كلّ ليلة قرصا بإدامة زيت ، حتى إذا كان اليوم الثالث قال : ارتحل عنا فقد راجعت أهلنا ، إنّما كان عندنا فضل آثرناك به ، قال : فقال : هذه الصرة أرسل بها إليك أمير المؤمنين أن تستعين بها على حاجتك ، قال : هاتها ، فلما قبضها قال عمير : صحبت رسول
__________________
(١) في م : رجل ، تصحيف.