ثم انقضى ذلك المجلس العظيم ، وانقضى ذلك الموكب الشريف الوسيم ، وكان يوما شريفا مشهودا ووقتا مباركا متيمنا مسعودا ، رقمته الليالى يو الأيام فى صفحات أوراقها ، وأثبتته فى جدار دفاترها ، وأطباقها.
قال (١) :
وإنما المرء حديث بعده |
|
فكن حديثا حسنا لمن روى |
ثم توجه محمد جاويش المذكور بالقنديل الذى بقى معه إلى المدينة المنورة ، ووصل إلى تلك الروضة الشريفة المطهرة ، واجتمعت له أكابر المدينة الشريفة وأعيانها وعلماؤها وصلحاؤها وأركانها ، وشيخ حرمها ، ونوابها ، ومن له شأن وقدر من مجاوريها وسكانها ؛ فحصل موكب عظيم فى الحرم الشريف النبوى ، وفتحت الحجرة الشريفة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، وعلق ذلك القندل تجاه الوجه الشريف النبوى عليه الصلاة والسلام.
وقرأت الفواتح وحصل الدعاء من سائر جيران سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والتحية والسلام ، بدوام دولة هذا السلطان الأعظم سلطان سلاطين العالم ؛ خلد الله تعالى ملكه السعيد ، وأيد معدلته وفضله وإحسانه المزيد ، فالله تعالى يطيل عمره ويسعده ، ويوفقه للخيرات ، ويرشده ويوفقه إلى الأعمال الصالحات من أعمال الخير ، ويسدده ، وهو أول من علق القناديل الذهب فى الحرمين الشريفين من سلاطين آل عثمان ، خلد الله تعالى سلطانته ، وأيد دولته إلى انتهاء الزمان.
وقد سبق لهذه الخدمة الشريفة آباؤه السلاطين العظام ، وفاق بهذه المزية الكريمة أجداده وأسلافه الكرام ، لا زال فائقا كبار سلاطين العالم وخلفائها وراق بأقدام أقدام عزمه هام ملوك الدنيا وعظمائها ، وفى ذلك قال :
هو العادل الظلام للمال والعدا |
|
خائنه قد أكفرت وديارها |
عليم بنور الله ينظر قلبه |
|
فلم يغن أسرار القلوب استتارها |
__________________
(١) فى (س) : قال قال قال.