وكانوا يرسلون عند تجدد كل سلطان مع الكسوة السود التى تكسى من جانب البيت الشريف كسوة لداخل البيت الشريف ، وكسوة خضراء للحجرة الشريفة النبوية الشريفة ، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، مكتوب على كل من الكسوة السود والحمر والخضر ، (لا إله إلا الله محمد رسول الله) دالات فى قلب دالات ، وقد يزاد فى حواشى تلك الدالات آيات أخرى مناسبة ، أو أسماء أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو تترك سادجة بحسب ما يؤمر به النساج.
فلما آلت سلطنة مماليك العرب إلى سلاطين آل عثمان خلد الله أيام سلطنتهم القاهرة ، ما دام الدوران وراء (١) الزمان ، وأخذ المرحوم المقدس السلطان سليم خان بن السلطان بايزيد خان (عليه الرحمة والرضوان) مملكة العرب من الجراكسة بالسيف والسنان ، جهزت كسوة الكعبة الشريفة داخلا وخارجا ، وكسوة المدينة الشريفة على ما جرت به العادة.
وأمر باستمرار الكسوة السود الكعبة الشريفة على الوجه المعتاد لما آلت السلطنة العظمى إلى المغفور له المرحوم السلطان سليمان خان ؛ أمر باستمرار الكسوة الشريفة على عوائدها السابقة ، ثم إن قريتى يبسوس وسندبيس الموقوفتين على كسوة الكعبة الشريفة خربتا ، وضعف ريعهما على الوفاء بمصروف الكسوة ، وأمر أن تكمل من الخزائن السلطانية بمصر.
ثم أضاف إلى تلك القريتين الموقوفتين قرى أخرى أوقفهما على كسوة الكعبة الشريفة ، فصار وقفا عامرا فائضا مستمرا ، وذلك من أعظم مزايا السلاطين العظام الذى يفتخرون بها على ملوك الأنام ، ولا يصل إلى ذلك إلا أعظم السلاطين الفخام ، وهى الآن من خصوصيات آل عثمان زيد الله تعالى بمزاياهم أجياد الليالى والأيام ، وخلد ذكر محاسنهم فى صفحات دفاتر الدهر إلى يوم القيامة إن شاء الله الملك العلام.
وأما نزع الكسوة الشريفة المعظمة وتقسيمها بين الناس ، فقد ذكر الأزرقى
__________________
(١) فى (س) : ور.