وبنى هو دار الندوة من الجانب الشامى ـ كما تقدم بيانه ـ ويقال : إنها محل مقام الحنفية ، الذى يصلى فيه الآن الإمام الحنفى الصلوات الخمس.
وقسم قصى باقى الجهات بين قبائل قريش ؛ فبنوا دورهم وشرعوا أبوابها إلى نحو الكعبة الشريفة ، وتركا للطائفين مقدار الطواف الشريف ، بحيث يقال : ان القدر المفروش الآن بالحجر المنحوت إلى حاشيته المطاف الشريف الآن ، وجعلوا بين كل دارين من دورهم مسلكا شارعا فيه باب يسلك منه إلى بيت الله الحرام ، ثم كثرت البيوت ، واتصلت إلى زمن النبى صلىاللهعليهوسلم فولد (عليه أفضل الصلاة والسلام) على أشهر الأقوال بشعب بنى هاشم بقرب من المحل المسمى الآن بشعب على.
وكان (عليه الصلاة والسلام) يسكن دار سيدة النساء ، خديجة الكبرى (رضوان الله عليها).
ثم لما ظهر الإسلام ، وكثر المسلمون ، استمر الحال على ذلك الوضع فى زمن النبى صلىاللهعليهوسلم ، وزمان خلافة سيدنا أبى بكر الصديق.
ثم زاد ظهور الإسلام وتكاثر المسلمون فى زمن أمير المؤمنين عمر الفاروق رضياللهعنه ؛ فرأى أن يزيد فى المسجد الحرام ، فأول زيادة زيدت فى المسجد الحرام زيادته ، فنبدأ بذكرها ، فنقول : روينا بالسند المذكور سابقا فى المقدمة عن الإمام أبى الوليد الأزرقى قال : «أخبرنى جدى ، قال : أخبرنا مسلم عن خالد بن جريج ، قال : كان المسجد الحرام ، ليس عليه جدران يحيط به ، وإنما كانت دور قريش محدقة به من كل جانب ، غير أن بين الدور أبوابا يدخل منها إلى المسجد الحرام ، فلما كان زمان أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب ، وضاق المسجد الحرام بالناس لزم توسيعه ، اشترى دورا حول المسجد وهدمها وأدخلها فى المسجد ، وبقيت دورا احتيج إلى إدخالها فى المسجد ، وأبى أصحابها من بيعها ، فقال لهم عمر رضياللهعنه : أنتم نزلتم فى فناء الكعبة وبنيتم به دورا ، فلا تملكون فناء الكعبة ، وما نزلت الكعبة فى سوحكم وفنائكم ؛ فقومت الدور ووضع ثمنها فى جوف الكعبة ، ثم هدمت وأدخلت فى المسجد ثم طلب أصحابها الثمن.