فسلم إليهم ذلك ، وأمر ببناء جدار قصير أحاط بالمسجد ، وجعل فيه أبوابا كما كانمت بين الدور قبل أن تهدم ، وجعلها فى محاذاة الأبواب السابقة.
ثم كثر الناس فى زمان أمير المؤمنين سيدنا عثمان بن عفان (رضياللهعنه ، فأمر بتوسيع المسجد ، واشترى دورا حول المسجد ، هدمها وأدخلها فى المسجد ، رأبى جماعة عن بيع دورهم ، ففعل كما فعل عمر رضياللهعنه.
وهدم دورهم ، وأدخلها فى المسجد ، فضجوا أصحاب الدور ، وصاحوا ؛ فدعا بهم ، وقال لهم : إنّما جدأكم على حلمى عليكم ، ألم يفعل بكم ذلك رضياللهعنه؟ فلاضح به أحد ولا صاح عليه ، وقد احتذيت حذوه ؛ فضجرتم منى ، وصحتم علىّ وثم أمر بهم إلى الحبس ، فشفع فيهم عبد الله بن خالد بن أسيد ؛ فتركهم».
ولم يذكر الأزرقى رحمهالله متى كانت يادة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضياللهعنه ، ولا عمارة ، أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضياللهعنه.
وذكر ابن جرير الطبرى ، وابن الأثير ، والجوزى فى تأريخهم : «أن زيادة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضياللهعنه ، كانت فى سنة ١٦ من الهجرة ؛ بتقديم السين ، وأن زيادة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضياللهعنه كانت فى سنة ٣١ من الهجرة».
أقول : زيادة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضياللهعنه ، وعمارته للمسجد كانت عقب السيل العظيم فى سنة ١٧ من الهجرة ؛ وتخريبه معالم الحرم الشريف ، ويقال لذلك السيل «سيل أم نهشل».
قال شيخ شيوخنا ، حافظ وقته ، الشيخ عمر بن الحافظ التقى محمد بن فهد الهاشمى العلوى (رحمهالله تعالى) ، فى كتابه «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» (١) : «من حوادث سنة ١٧ ه : فيها جاء سيل عظيم ، يعرف
__________________
(١) إتحاف الورى بأخبار أم القرى : للشيخ نجم الدين عمر بن فهد المكى المتوفى سنة ٨٨٥ ، كشف الظنون : ١ / ٧.