وأما زيادة أمير المؤمنين عثمان رضياللهعنه فى المسجد الحرام ، فقد ذكر الإمام أبو زكريا النووى ، نقلا عن أبى الوليد الأزرقى ، والإمام أقضى القضاة الماوردى ، فى كتاب أحكام السلطانية ، وغيرها من الأئمة المعتمدين (رحمهالله تعالى) ، وفى كلام بعضهم زيادة على بعض ، فقالوا : أما المسجد الحرام فكان فناء حول الكعبة وفضاء للطائفين ، ولم يكن على عهد النبى صلىاللهعليهوسلم ، وأبى بكر جدار محيط به محدقة به ، وبين الدور أبواب ، يدخل الناس من كل ناحية.
فلما استخلف عمر بن الخطاب (رضى الله تعالى عنه) ، وكثر الناس وسع المسجد ، واشترى دورا وهدمها ، وزاد فيها ، واتخذ للمسجد جدارا قصيرا دون القامة ، وكانت المصابيح توضع عليه ، وكان عمر رضياللهعنه أول من اتخذ الجدار للمسجد الحرام.
فلما استخلف عثمان رضياللهعنه ، ابتاع منازل ووسعه بها أيضا وبنى المسجد الحرام والأروقة ، وكان عثمان (رضى الله تعالى عنه) أول من اتخذ للمسجد الأروقة. انتهى.
قال الحافظ النجم عمر بن فهد فى تاريخه فى حادث سنة ٣٣ ه : «فيها اعتمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضياللهعنه من المدينة ، فأتى ليلا فدخلها ، فطاف وسعى ، وأمر بتوسيع المسجد الحرام» فذكر ما قدمناه.
قال : «وجدد أيضا الحرم ، وكلّم أهل مكة عثمان (رضى الله تعالى عنه) أن يحول الساحلة من الشعبية ، وهى ساحل مكة قديما فى مساحلها اليوم ، وهى جدة لقربها من مكة ، فخرج عثمان رضياللهعنه إلى جدة ، ورأى موضعها ، وأمر بتحويل الساحل إليها ، ودخل البحر ، واغتسل فيه ، وقال : إنه مبارك ، وقال لمن معه : ادخلوا البحر للاغتسال ، ولا يدخله أحد إلا بمئزر ، ثم خرج عند جده على طريق عسفان إلى المدينة ، وترك ساحل الشعبية فى ذلك الزمان ، واستمرت جده بندر إلى الآن بمكة المشرفة ، وهى على مرحلتين طويلتين من مكة بسير الأثقال ، يستوعب إحداهما الليل كله فى