وكان القاضى أبو البقاء بن الضياء المذكور فى أوسط المائة الثامنة (١) ، ووفاته فى سنة ٧٥٣ ه ، ولا شك أن من عهد الصحابة رضياللهعنهم إلى زمانه ، كان الناس يقفون ويدعون عند مشاهدتهم الكعبة.
ولا أعلم هل وقف النبى صلىاللهعليهوسلم فيه؟ أم كان ذلك المحل غير مرتفع فى عهده عليه الصلاة والسلام؟
وما وقع إلى سيدنا عمر (رضى الله تعالى عنه) بالردّم الذى بناه ، وارتفع عن الأرض ، وصار البيت الشريف يشاهد حينئذ ؛ فوقف الناس عنده بعد ذلك لمشاهدة البيت الشريف منه.
وبالجملة ـ فالآن ـ لا يرى البيت الشريف منه ؛ ولكنى أنظر فى جميع عمرى فى المدعى ، يقف الناس فيه ، فاللائق استمرار وقوف الناس بهذاي المحل الشريف ، والدعاء تبركا بوقوف من سلف للدعاء فيه ، والله تعالى أعلم.
ولما ردم هذا المكان صار السيل إذا وصل من أعلى مكة لا يعلو هذاي المكان ، بل كان ينحرف عنه إلى جهة الشمال المستقبل البيت الشريف للبناء الذى بناه عمر (رضى الله تعالى عنه) ، فلا يصل هذا السيل إلى المسعى ، ولا إلى باب السلام إلى الآن.
فصارت هذه الجهة من يومئذ إلى أننا هذا مرتفعة عن ممر السيل ، وصار السيل كله ينحدر إلى جهة السوق ، ويمر بالجانب الجنوبى من المسجد إلى أن يخرج من أسفل مكة ، وهذا السيل سيل وادى إبراهيم ، فيقف ويتراكم ، ويدخل المسجد الحرام ويقع مثل هذا السيل من كل عشرة أعوام تقريبا مرة ؛ فيدخل المسجد الحرام ويحتاج إلى تنظيف ، وتبديل الحصا ، ونحو ذلك.
وقد عمل المتقدمون والمتأخرون لذلك طرقا ، واهتموا غاية الاهتمام ؛ فاندثرت أعمالهم بطول الزمان ، ولم تفطن الملوك بعدهم لذلك ، واستمرت السيول العظيمة كل مرة تدخل المسجد ، فلسنا الآن بصدد شرح ذلك.
__________________
(١) فى (س) : التاسعة.