أقول : المراد بهذا الردم الموضع الذى يقال له ـ الآن ـ المدعى ، وهو مكان كان يرى منه البيت الشريف أول ما يرى ، وكان الناس خصوصا حين يرد الحج من ثنية كذا.
وهى الحجون إذا وصلوا ذلك المحل ، شاهدوا منه البيت الشريف ، والدعاء مستجاب عند رؤية بيت الله الشريف ، ومع ذلك يقف الناس للدعاء لله تعالى ، وكانوا يقفون هنالك للدعاء ، وأما الآن بعدما حالت الأبنية عن رؤية البيت الشريف يقف الناس للدعاء فيه على العادة القديمة ، وعن يمينه ويساره ميلان للإشارة إلى أنه المدعى.
قال مولانا القاضى جمال الدين محمد أبو البقاء بن الضياء (١) الحنيفى فى كتابه «البحر العميق فى مناسك الحج إلى بيت الله العتيق» (٢) : «إنه كان يرى فى زمنه رأس الكعبة ، لا كلها من رأس الردم ـ يعنى المدعى ـ فإذا ظهر له ، يقف ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته ، فإن الدعاء مستجاب عند رؤية الكعبة».
وسئل حافظ الدين النسفى (رحمهالله تعالى) فى المنافع عن صاحب الهداية (رحمهالله تعالى) : أنه استوصى عن شيخ له شكاه ، فقال له : إذا وصلت سوق كذا ، ورأيت الكعبة ، فادع الله تعالى أن يجعلك مجاب الدعاء ، فإن من رآها أولا ، ودعا كانت دعوته مستجابة. انتهى.
__________________
(١) القاضى جمال الدين محمد أبو البقاء بن الضياء ، هو : محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد ؛ أبو البقاء ، ابن الضياء المكى ، المتوفى سنة ٨٨٥ ه ، له كتاب : تاريخ مكة المشرفة المسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف ، والباحث عادل عبد الحميد العدوى بصدد تحقيقه الآن فى سلسلة موسوعة مكة والمدينة. انظر : معجم المؤلفين : ١١ / ١٨٩ ، هدية العارفين : ٦ / ٢١١ ، الضوء اللامع : ٩ / ٤١ ، ٤٢.
(٢) البحر العميق فى مناسك الحج إلى بيت الله العتيق : فى كشف الظنون : البحر العميق فى مناسك المعتمر والحاج إلى البيت العتيق ، لأبى البقاء محمد بن أحمد بن محمد ابن الضياء المكى العمرى القرشى الحنفى ، المتوفى سنة ٨٥٤ ه ، أوله : الحمد لله الذى جعل البيت الحرام قياما للناس ، رتبه على عشرين بابا. كشف الظنون : ١ / ٢٢٥.