وقتل أبا مسلم الخراسانى ، وهو الذى قام بدعوة الناس إلى بنى العباس ، وشرح ذلك يطول.
ووليت له المماليك ، ودانت له الأمصار ، ولم يخرج عنه غير جزيرة الأندلس ؛ ملكها عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الأموى ، وانفرد بالأندلس ، وطالت مدته ، وملكها أبوه واستمرت فى يدهم مدة.
وفى المحرم سنة ١٣٨ ه ، قيل : وفى سنة ٨٣٩ ه : أمر أبو جعفر المنصور بالزيادة فى المسجد الحرام ؛ فزيد فى شقه الشامى الذى يلى دار الندوة ، وزاد فى أسفله إلى أن انتهى إلى المنارة التى فى ركن باب بنى سهم ، ولم يزد فى الجانب الجنوبى شيئا ؛ لاتصاله بمسيل الوادى وصعوبة البناء فيه وعدم ثباته إذا قوى السيل عليه ، وكذلك لم يزل فى أعلا المسجد.
واشترى من الناس دورهم وهدمها ، وأدخلها فى المسجد الحرام ، وكان الذى ولى عمارة المسجد لأبى جعفر أمير مكة يومئذ من جانبه زياد بن عبد الله الحارثى ، وكان من شرطة عبد العزيز بن عبد الله بن مسافع ، جد نافع بني عبد الرحمن الشيبى ، وكان زياد أجحف بدار شيبة بن عثمان ، وأدخل كثيرها فى الجانب الأعلا من المسجد ، فتكلم مع زياد فى أن يميل عنه قليلا ففعل ، وكان فى هذا المحل أزورار فى المسجد ، وأمر أبو جعفر المنصور بعمارة منارة هناك ؛ فعملت.
واتصل عمله فى أعلا المسجد بعمل الوليد بن عبد الملك ، وكان عمل أبو جعفر طاقا واحدا بأساطين الرخام ، دائرا على صحن المسجد ، وكان الذى زاد فيه مقدار الضعف مما كان قبله.
وزخرف المسجد بالفسيفساء والذهب ، وزينه بأنواع النقوش ، ورخم الحجر ؛ بالحاء المهملة المكسورة ثم الجيم ، وهو أول من رخمه.
وكان كل ذلك على يد زياد بن عبد الله الحارثى ، وإلى الحرمين والطائف من قبل المنصور ، وفرغ من ذلك فى عامين ، وقيل فى ثلاثة أعوام.