وكتب على باب بنى جمح ، أحد أبواب المسجد الحرام من جهة الصفا :
بسم الله الرحمن الرحيم ، محمد رسول الله ، أرسله بالهدى ، ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (١) ، (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً ، وَهُدىً لِلْعالَمِينَ ، فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ ، وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)(٢) ، (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)(٣).
أمر عبد الله أمير المؤمنين (أكرمه الله تعالى) بتوسعة المسجد الحرام وعمارته والزيادة فيه ؛ نظرا منه للمسلمين واهتماما بأمورهم ، والذى زاد فيه الضعف مما كان عليه قبل ، وفرغ منه ، ورفعت الأيدى عنه فى ذى الحجة سنة ١١ ه ، وذلك بتيسير الله تعالى على أمير المؤمنين ، وحسن رعايته وكفايته وإكرامه له بأعظم كرامة.
وأعظم الله تعالى أجر أمير المؤمنين فيما نوى من توسعة المسجد الحرام ، وأحسن ثوابه ، وجمع له بين خيرى الدنيا والآخرة ، وأعز نصره وأيده آمين.
وحج المنصور فى ذلك العام ، وأحرم من الحيرة ، وبذل على نجله الأموال العظيمة ، أعطى أشراف قريش لكل نفر منهم ألف دينار ، وأعطى أهل المدينة عطايا لم يعطها أحد كان قبله.
ولما قضى الحج والزيارة توجه إلى زيارة بيتي المقدس ثم سلك إلى الشام ثم إلى القة ، فنزلها.
كذا ذكره الحافظ عمر بن فهد رحمهالله ، وذكر حكاية مفيدة ، أذكرها استطرادا ، وإن كانت خارجة عن مقصودنا لعظم فائدتها ، وهى : لما حج المنصور ، كان يخرج من دار الندوة إلى الطواف آخر الليل يطوف ويصلى ، ولم يعلم أحد ، فإذا طلع الفجر رجع إلى دار الندوة ، فيجئ
__________________
(١) المقصود الآية رقم ٩ من سورة الصف ، مدنية.
(٢) الآية سبقت الإشارة إليها.
(٣) الآية رقم ٩٧ من سورة آل عمران ، مدنية.