من تاريخ الفاكهى ، وذرعوا من ركن المسجد إلى المحل الذى وضع فيه ابن الزمن أساسه ، فكان سبعة وعشرين ذراعا ، فقال ابن الزمن : المنع قاصر لى وبجمع الناس ، فقال له القاضى : أمنعك الآن ، لأنك مباشر فى هذا الحال لهذا الفعل الحرام ، وأمر الغيب أيضا بإزالة تعديه.
وتوجه القاضى بنفسه إلى محل الأساس ، ومنع البنائين والعمال من العمل وأرسل عرضا ومحضرا فيه خطوط العلماء إلى السلطان قايتباى.
وكتب بن الزمن أيضا إليه ؛ وكانت الجراكسة لهم تعصب وقيام فى مساعدة من يلوذ بهم ، ولو على الباطل ، فلما وقف على تلك الأحوال السلطان قايتباى ، نصر ابن الزمن ، وعزل القاضى إبراهيم وولى خصمه المنصب ، وأمر أمير الحاج أن يضع الأساس على مراد ابن الزمن ، ويقف عليه بنفسه ، وكان أمير الحاج يشبك الجمالى.
فوصل فى موسم سنة ٨٧٥ ه ، ووقف بنفسه بالليل ، وأوقد المشاعل وأمر البنائين والعمال بالبناء ؛ خوفا من الإطالة العامة عليهم ، فبنوه إلى أن صعد ، وآبه وجه الأرض.
وجعل ابن الزمن ذلك رباطا وسبيلا ، وبنى فى جانبه دارا ، وحفر الميضأة ، وجعل لها بابا فى سوق الليل ، وجعل فى جانب الميضأة مطبخا يطبخ فيه الدشيشة ، ويقسم على الفقراء ، ووقف على ذلك دورا بمكة ، ومزارع بمصر ، واستمر إلى أن انقطع ذلك المطبخ فى عهدنا.
وبيعت القدور بل الدور ، وبالله العجب من ابن الزمن ، وما ذكرناه من ضله ، وخبرته ، كيف ارتكب هذا المحرم بإجماع المسلمين طالبا به الثواب؟ وكيف تعصب له سلطان عصره الأشرف قايتباى مع أمه أحسن ملوك الجراكسة عقلا ودينا ، وخيرية ؛ وهو يأمر بفعل هذا الأمر المجمع على مرمته فى مشعر من مشاعر الله تعالى؟ وكيف يعزل قاضى الشرع الشريف لكونه نهى عن منكر ظاهر الإنكار؟ فرحم الله الجميع وغفر لهم.
وأين هذا عما حكى عن أنوشروان العادل ، وهو من أهل الكفر ، لما أراد