يا خيزرانة هناك ثم هناك |
|
أضحى يسوس العالمين ابناك |
وكان فصيحا بليغا كثير العبادة ، كثير الحج والغزو ، وكذلك يقول بعض الشعراء :
فمن يطلب لقاءك أو يرده |
|
ففى الحرمين أو أقصى الثغور |
وكان يحج عاما ويغزو عاما ، وقد يجمع بينهما فى عام واحد ، وكان يصلى فى خلافته كل يوم مائة ركعة ، لا يتركها إلا لعلة ، ويتصدق كل يوم بألف درهم ، ويحب العلم وأهله ، ويعظم حرمات الإسلام ، وبلغه عن بشر المريسى ، أنه كان يقول بخلق القرآن ، فقال : لئن ظفرت به ؛ لأضربن عنقه.
وكان يأتى بنفسه إلى بيت الفضل بن عياض رضياللهعنه ، ويعظمه ، وكان يبكى على نفسه وعلى إسرافه وذنوبه ، وكان قاضيه الإمام ، أبو يوسف (رضى الله تعالى عنه) ، وكان يعظمه كثيرا ، ويمتثل أمره ، ويروى عن أبى معاوية الضرير ، قال : أكلت مع الرشيد يوما ، وصب على يدى من لا أعرفه ، ثم قال : أتدرى من صب عليك؟ قال : أنا ؛ إحلالا للعلم.
وأراد الرشيد أن يوصل ما بين بحر الروم والقلزم ، ليهيأ له أن يغزو الروم ببلادهم ، فقال له يحيى بن خالد البرمكى : لو فعلت ذلك دخلت سفائين الروم أرض العرب ، واختطفوا المسلمين من المسجد الحرام ، فتركه ، وكانت أيام الرشيد أيام خير كأنها أعراس.
وله أخبار فى اللهو والملزات ، سامحه الله تعالى ، وله مناقب لا تحصى ، ومحاسن لا تستقصى ، وأنشد الصولى بن يعقوب بن جعفر :
خرج الرشيد فى السنة التى ولى فيها الخلافة إلى أطراف بلاد الروم ، وظفر ، وعاد ؛ فحج بالناس آخر السنة ، وفرق بالحرمين مالا كثيرا ، وكان رأى النبى صلىاللهعليهوسلم فى النوم ، فقال له : إن هذا الأمر قد صار إليك فى هذا الشهر ، فاغزو وحج ، ووسع على الحرمين ؛ ففعل هذا كله فى عام واحد أول خلافته ؛ ذكر ذلك الحافظ السيوطى وغيره.