تنضب فى ذيل عين حنين ، وهى تجرى ، وتضعف أحيانا لقلة المطر ، ومحلها معروف.
ولما كثر المماليك الأتاك فى بغداد ، وادّخّلوا فى أمر الملك استولوا على المملكة ، وصار بيدهم الحل والعقد والولاية ، والعزل إلى أن حملهم الطغيان على العدوان ، وسطوا على الخليفة المتوكل لما أراد أن يصادر مملوك أبيه وصيف التركى ؛ لكثرة أمواله ، وخزائنه ؛ فتعص له باعز التركى ، وانحرف الأتراك عنه ؛ فدخل باعز عليه ومعه عشرة أتراك ، وهو فى مجلس أنسه ، وعند ـ وزيره ، الفتح بن خاقان ، بعد أن مضى من الليل ثلاث ساعات.
فصاح الفتح : ويلكم هذا سيدكم ، وابن سيدكم ، وهرب من كان حوله من الغلمان والندماء على وجوههم ، وبقى الفتح وحده ، والمتوكل غائب عن نفسه من السكر ؛ فضربه باعذ بالسيف على عاتقه ، فقده إلى خصره ، فطرح الفتح نفسه عليه ، فضربهما باعذ ضربة ثانية ، فماتا جميعا ، فلفهما معا فى بساط ، ومضى هو ومن معه ، ولم يتضح فى ذلك شاتان.
وكان قتله فى ليلة الأربعاء ، لليلتين مضتا من شوال سنة ٣٣٧ فى القصر الجعفرى ، وكان بناه المتوكل ـ ولما قتل دفن فيه رحمهالله هو ووزيره الفتح بن خاقان الذى قتل معه رحمهالله.
وكانت ولايته وخلافته عشرين عاما ، وعمره إحدى وأربعون سنة ، وولى بعده ولده محمد أبو جعفر المنتصر بالله (١) بن المتوكل على الله بن المعتصم ابن هارون الرشيد ، بويع له بالخلافة بعد قتل أبيه ، ولم يتهن بالملك لاستيلاء المماليك الأتراك على المملكة.
وقيل : إنه واطأ الأتراك على قتل أبيه ، ليلى الخلافة بعده ، والله أعلم بذلك ، وكان على حذر من الأتراك ، ويسبهم ، ويقول : هؤلاء قتلة الخلفاء
__________________
(١) المنتصر بالله ؛ هو : محمد بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد هارن بن المهدى محمد بن أبى جعفر ، أمه : أم ولد رومية اسمها : حبشة ، تسلم الخلافة صبيحة قتل والده المتوكل. مات بعد أن ولى الخلافة بستة أشهر فقد وليها فى شوال ، ومات فى شهر ربيع الآخر ، وكان مدة عمره ستا وعشرين سنة. تاريخ الخميس : ٢ / ٣٣٩ ، ٣٤٠.