وأحضروا أبا عبد الله محمد بن الواثق ، ولقبوه المهتدى بالله (١) ، ابن الواثق بن المعتصم بالله بن الرشيد ، وبايعوه الخلافة لليلة بقيت من رجب سنة ٣٥١ ، وله بضع وثلاثون سنة ، وصار صالح بن وصيف على قبيحة أم المعتز وعذبها حتى أخذ منها ألف ألف دينار ذهبا جديدا ونصف أردب لؤلؤ ، ومثله زمرد ، وسدس أردب ياقوت أحمر ، ثم خرجت إلى مكة ، وقامت بها إلى أن ماتت ، وأقل الناس الترحم عليها ، حيث ظهر هذا المال عندها ، وشحت به على ولدها.
وكان المهتدى كثير العبادة ، ليس له من الأمر شىء ، وكان قد أطرح الملاهى ، ومنع الظلمة من المظالم ، فاتفقوا الأتراك على خلعه ، وركبوا عليه فخرج إليهم ، وقاتلهم بنفسه ، إلى أن أمسكوه باليد ، وعصروا على بطنه إلى أن مات (رحمهالله تعالى) فى رجب سنة ٣٥٧ ه.
وكانت خلافته ستة أشهر إلا خمسة عشر يوما ، ثم ولى الخلافة بعده ابن عمه أبو جعفر أحمد ، ويلقب المعتمد على الله (٢) ، وسيأتى ذكره إن شاء الله تعالى.
* * *
__________________
(١) المهتدى بالله ؛ هو : محمد بن الواثق هارون بن المعتصم محمد بن الرشيد هارون بن المهدى محمد بن أبى جعفر المنصور ، أمه : أم ولد رومية تسمى : قرب ولد فى خلافة جده سنة بضع عشرة ومائتين ، بويع بالخلافة بعد ابن عمه المعتز بالله فى التاسع والعشرين من رجب سنة ٢٥٥ ه ، وله بضع وثلاثون سنة ، وقتل فى شهر رجب سنة ٢٥٦ ه ، فكانت خلافته سنة إلا خمسة عشر يوما. تاريخ الخميس : ٢ / ٢٤١ ، ٢٤٢.
(٢) المعتمد على الله ؛ هو : أحمد بن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد هارون بن المهدى بن المنصور ، وقد سبقت الإشارة إليه.