فأخرجوا منه ابن عمه أبا جعفر أحمد بن المتوكل على الله بن المعتصم بن الرشيد العباسى.
ولقبوه المعتمد على الله ، بايعوه على الخلافة فى رجب سنة ٣٥٩ ه ، مولده سنة ٣٣٧ ه ، وأمه أم ولد رومية اسمها فتيان ، وكان له انهماك على اللهو واللذات ، فقدم أخاه طلحة بن المتوكل على الله ، ولقبه الموفق بالله ، وجعله ولى عهده ، وولاه المشرق والحجاز واليمن وفارس وطبرستان وسجستان والسند.
وكان له ولد صغير اسمه جعفر ، لقبه المفوض إلى الله ، وولاه المغرب والشام ، والجزيرة ، وعقد لهما لوائين ، أبيض وأسود ، وعقد لهما البيعة ، وشرط على أخيه الموفق ، أنه إذا حدث به الموت وولده صغير ، كان المفق ولى عهده ، وإن كان حينئذ ولده كبيرا كان ولده ولى عهده ، وكت بذلك معاقدا ، كتب كل منهما خطه عليها ، وكتب عليها القضاة والعدول خطوطهم ، وأرسلها إلى مكة لتعلق فى الكعبة ، فعلقت فيها.
وما أفاد مع هذه التدابير حذر من قدر ، وما وقع إلا ما قدره الله تعالى.
وكان الموفق عاقلا مدبرا شجاعا مستقلا بأمور المملكة ملتفتا لأمور الرعية ، وكان أخوه المعتمد مكبا على لهوه ولذاته ، مهملا لأحوال الرعية ، غير ملتفت لأمور المملكة ؛ فكرهه الناس ، وأحبوا أخوه طلحة الموفق بالله.
وظهرت فيه نجابات كثيرة ، وكان ميمون النفس ، مظفرا فى الحروب ، وكان ظهر فى أيام المعتمد على الله طائفة الزنج ، وتغلبوا على المسلمين ، وكان لهم رأس اسمه المهبول ، يدّعى أنه أرسله الله تعالى إلى الخلق ، وادعى علم الغيبيات ، وفتك فى المسلمين.
ذكر الصولى : أنه قتل ألف ألف وخمسمائة ألف (١) مسلم ، وكان يستأسر نساء المسلمين ، ويبيعهن بأبخس الأثمان ، وينادى على العلوية
__________________
(١) فى (س) : ألف ألف مسلم.