والشريفة بدرهمين ، وكان عند الزنجى عشر نساء شرائف ، يطأهن ويمتهنهن فى الخدمة الشاقة.
وكان ذلك من أعظم المصائب فى الإسلام ، وتملك هذا الكافر مدنا كثيرة ، أخذها من المسلمين ، واستأسر أهلها ، وجعلها دار مملكته كواسط ورمهرمز ومال وإلا هما ، فانتدب لقتاله الموفق بالله ، وجمع الجموع والعساكر من حنكته وقائع الحروب ، ووسمته قوارع الخطوب فاتخذه جنابا وبدا ، ورضى بهم ساعدا وعضدا ، وتعصب بعمود الإسلام ، وأعد السيوف والسهام والرماح ، فركض بجهله إلى الكفرة ، والأعداء اللئام ، إلى أن التقت الفئتان على صومة الحرب ، وتساقيا كؤوس الطعن والضرب ، فجفلت السودان من لمعان الصارم الأبيض ، وولوا أدبارهم للفرار كما يفر الليل الأسود من النهار الأبيض ، وانهزموا ما بين مقتول ومأمور ومجروح ومكسور ، إلى أن قتل كبيرهم الهبول ، ووجوه عسكره المخزول ، ويضر الله ملة الإسلام ، ومحى الله تعالى بنوره تلك الظلام ، واستمرت المدن التى أخذها بالكفر والعناد تواصد ، ويهرمز وغيرها من البلاد ، واطمأن المسلمون وكافة العباد ، ولقبوه الناصر لدين الله ، وصار له حينئذ لقبان.
ودخل إلى بغداد في نصرة وعلو شأن ، ورأس ذلك الكافر على رمح ، ورؤوس كبار عساكره على الأرماح ، وأحبه الناس ، ودعا له المسلمون ، وقصد الشعراء بالقصائد والأمداح ، وبعد صيته وكثر فى بابه المداح ، واستفحل أمره ، ولاحت له السعادة والفلاح ، واستمر أخوه المعتمد على حاله ، منهمكا على هواه ولذاته ، وله اسم الخلافة ، وجميع الأمور يتلقاها الموفق بصدر منشرح ، وسد غاية السداد ، وفى أيامه فى سنة ٣٧١ ه وقع وهن فى بعض جدران المسجد الحرام من الجانب الغربى ، قبل زيادة دار إبراهيم ، وكان فى يمين الجدار الغربى من المسجد الحرام الشريف باب كان يقال له «باب الخياطين» ، وكان بقربه دار تسمى زبيدة بنت أبى جعفر المنصور ، فسقطت تلك الدار ، على سقف المسجد الحرام ، فانكسرت أخشابه وانهدم أسطوانتان من ساطين الحرم الشريف.