عن مائة بالمحاصة ، وكان قد انكسر على ذلك المديون مال للخليفة المعتضد أيضا ، فأرسل المعتضد إلى القاضى ، أبو خارم يقول له : اشركنى مع غرماء هذا المديون بالمحاصة ، فإن لى مالا أيضا فى ذمته ، فاجعلنى كأحد غرمائه.
فقال أبو خارم : إنى لا أحكم لمدعى بدون بينه عادله ، فأرسل وكيلا ، وبينة أرضاها ، لتكون مأسوة غرماء هذا المديون ، فاحكم لكم بعد سماع الدعة والبينة والتزكية ، سرا وجهرا.
فأمر المعتضد مشهودا يشهدون عند القاضى خوفا من رد شهادتهم ، ولم يحكم القاضى للمعتضد أن يكون بأسوة غرماء ذلك المديون ، فأعجب المعتضد ديانة القاضى وثباته على الحق ، وتصميمه على ذلك وعدم ميله إليه.
وما أحوج زماننا هذا إلى قاصد مثل هذا ، خصوصا فى أطراف البلاد ، يقول الحق ويثبت ، ولا يميل إلى خواطر العباد.
وكان المعتضد ينظم شعرا حسنا ، ومن نظمه ، ما رثى به جاريته ذريرة :
يا حبيبا لم يكد |
|
يعد له عندى حبيب |
أنت عن عينى بعيد |
|
ومن القلب قريب |
ليس لى بعدك فى |
|
شىء من اللهو نصيب |
لك من قلبى على |
|
قلبى وإن غبت رقيب |
لو ترانى كيف حالى |
|
فرط عول ونحيب |
وفؤادى حشوه من |
|
حرق القلب لهيب |
فتيقنت بأنى |
|
فيك محزون كئيب |
وقال (رحمهالله تعالى) لما احتضر :
تمتع من الدنيا فإنك لا تبقى |
|
وخذ صفوها لما صفت ودع الرنقا |
ولا تأمنن الدهر ، إنى أمنته |
|
عدوا ولم أمهل على حب وحلقا |
قبلت صناديد الرجال ولم أدع |
|
فلم يبق لى حالا ، ولم يرع لى حقا |