ابن نافع الخزاعى ذكر فى تعليق له : أن قاضى مكة محمد بن موسى القاضى لما كان إليه أمر البلد جدد بناء زيادة دار الندوة وغير الطاقات التى فتحت فى جدار المسجد الكبير وجعلها متساوية واسعة بحيث صار كل [مستفيد](١) من زيادة دار الندوة من مصل ومعتكف وجالس بمكة مشاهدة الشريف ، وجعل أساطينها حجرا مدورا منحوتا ، وركب عليها سقوفا من الخش الساج منقوشا مزخرفا وعقودا مبنية بالآجر والجص ووصل هذه الزيادة بالمسجد الكبير وصولا أحسن من الأول وجدد شرفاتها وبيضها.
وأنه عمل فى ذلك فى سنة ست وثلثمائة. انتهى.
وبعد : كان ابتداء هذه الزيادة مأثرة عظيمة ، ومنقبة كريمة أتى بها هذا المعتضد بالله وأثرا باقيا له على صفحات هذا الدهر ما قاربها سواه وفاعل الخير لا يزال يذكر وصاحبه يمدح بألسنة الخلق ، ويشكر ، وقد بلى عظامه تحت التراب الأعفر ، فما مات من يذكر بالجميل بعد أن يقبر وما عاش من عاش بالشر :
ما عاش من عاش مذموما خصائله |
|
ولم يمت من يكن بالخير مذكورا |
واستمرت تلك الأساطين المنحوتة من الأحجار السود عليها أسقف الساج المزخرف المنضود مشيدة باقية إلى أن أدركناها فى عصرنا ثم بدلت بالأساطين المنحوتة من الرخام الأبيض المرمر ما بينها لتوثيقها أساطين منحوتة من السميسى الأصغر بعقود محكمة أزين من عقود الجوهر ، وجعل عوض السقف الذى ملئ خشية كل حين قببا مرفوعة نزهة للناظرين فى غاية الإتقان والتزيين فى زمان سلطاننا الأعظم ودولة خاقاننا الأفخم الأكرم سلطان سلاطين الزمان السلطان مراد خان بن سليم خان بن سليمان خان بن عثمان خلد الله تعالى سلطانه وأفاض على العالمين بره وإحسانه.
نرجع إلى ما كنا فيه من أخبار المعتضد العباسى وما وقع من البأس الذى ليس له منه أسى.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (س).