يوسف بن ثغرى بردى من جملة الزينة شجرة صيغت وصنعت من الذهب والفضة والجواهر تشتمل على ثمانية عشر غصنا أوراقها من الذهب والفضة وأغصانها تتمايل بحركات مصنوعة ، وعلى الأغصان طيور ذهب وفضة تنفخ الريح فيها فتسمع لكل طير تغريد وصفير خاص.
وهذا بعد وهن دولة العباسية وضعفها ، فكيف كان زينتها فى أيام قوة دولتهم فى كمال وصفها فسبحان من لا يزول ولا يزال ولا يفنى ملكه ولا يعتريه الزوال ولا تحوله الأحوال وهو الله الكبير المتعال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولا ضد ولا ندر ولا مثال ، وقدرها تقديرا.
ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولا وزيرا.
تعالى شأنه وعلا سلطانه علوا كبيرا.
(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً)(١).
* * *
فصل
وأول ما ظهر وهن الخلافة فى أيام المقتدر بالله : ظهور الطائفة الملحدة التى تسمى «القرامطة».
لهم اعتقاد فاسد ، يؤدى إلى الكفر ، يستبيحون دماء المسلمين ، وينتسبون إلى مولاه محمد بن الحنفية من أولاد سيدنا علىّ بن أبى طالب رضياللهعنه ، ويرون كافة ضلال المسلمين.
فأول نجس خبيث ظهر منهم أبو طاهر القرمطى ، وبنى دارا فى هجر سماها «دار الهجرة» ، أراد نقل الحج إليها (لعنه الله تعالى وأخزاه) ، وكثر فتكه فى المسلمين ، وسفك دماء المؤمنين إلى أن اشتد به الخطب ، وانقطع الحج فى أيامه خوفا منه ، ومن طائفته الفاجرة ، واشتدت شوكتهم.
__________________
(١) الآية رقم ١١١ من سورة الإسراء ، مكية.