المرتفع على الأرض ، ووضع عليها دائرة أخرى مثل الأولى ، ووضع بينهما بالطول عمود جديد منحوت له بين الحجرين المدورين وسيك على جميع ذلك بالرصاص إلى أن ينتهى طوله طول أساطين المسجد فيوضع عليه حجر منحوت من المرمر.
وقاعدة ذلك العمود من فوق وبنى له خشب مربع يوضع عليه ، وبنى من فوق طاقا بعقد إلى العمود الأخرى ، وبنى ما بين ذلك بالجص والأجر إلى أن يصل إلى السقف إلى أن تم الجانب الغربى من المسجد الحرام على هذا الحكم وبقيت القطعة التى من الجانب الشمالى إلى باب العجلة ، فأكملوها بالقطع من عمد الرخام الأبيض موصولة بالصفايح من الحديد إلى أن لاقوا به العمد التى بنوها بالعمد الصوان المنحوت لعدم القدرة على العمد الرخام.
وصارت الجوانب الثلاثة من المسجد الحرام بعمد الرخام ثلاثة أروقة ، والجانب الغربى وحده بالحجر الصوان المنحوت المدور على شكل عمود الرخام ، وكانت عمارة العمد فى أول شعبان سنة ٨٠٤ ه.
ولم يبق غير عمد السقف وأخر عمله لعدم وجود خشب يصلح لذلك بمكة ، إذ لا يوجد غير خشب الدوم وخشب العرعر ، وليس لذلك طول ولا قوة ويحتاج إلى خشب الساج ولا يجلب إلا من الهندى وخشب الصنوبر والسرو ، ونحو ذلك ، ولا يجلب إلا من الدوم فلزم تأخير إكماله إلى إحضار القدر الذى يحتاج إليه من ذلك الخشب.
وشكر الناس همة الأمير بستق على سرعة إتمام هذا القدر من العمل فى هذه المدة اليسيرة ومبادرته إلى تنظيف المسجد إلي أن صلح للصلاة فيه ، وكان ذا همة عالية وحسن توجه ، وكان كثير الصدقة والإحسان ، وحج الأمير «يسبق» فى ذلك العام وعاد إلى مصر لتجهيز ما يحتاج إليه من خشب الجانب الغربى للمسجد الحرام ، ووصل إلى مصر فى أوائل سنة ٨٥ ه ، وكان صاحب مكة يومئذ ـ جد سادتنا أشراف مكة إلا أن السيد الشريف حسن بن جلان ـ سقى الله عهده صوب الرحمة والوضوان من يحب الخير ويرغب فيه ويسابق إلى فعل الجميل ويرغب إليه.