قال الحافظ السخاوى (١) فى ذيله على دول الإسلام للذهبى (رحمهماالله تعالى) : «وفى آخر شوال سنة ٨٥٢ ه وقع بالحرم المكى حريق أتى على نحو المسجد الحرام ولو لا المعمرات الذى وقعا من السيل ـ قبل ذلك ـ لاحترق المسجد جميعه ، واحترق من العمد الرخام مائة وثلاثون عمودا صارت كلها كلسا ولم يفنى فيما مضى مثله.
وأما وقوع السيل فى جمادى الأول من هذه السنة بعد مطر عظيم الانسكاب كأفواه القرب ثم عم السيل فامتلأ المسجد الحرام حتى بلغ القناديل ، ودخل الكعبة من شق الباب فهدم من الرواق الذى يلى دار العجلة عدة أساطين وخرب منازل كثيرة ومات فى السيل جماعة.
قال التقى الفاسى (رحمهالله تعالى) : «ثم قدر الله عمارة ذلك فى مدة يسيرة على الأمير يسبق الظاهرى ، وأما قدومه إلى مكة كذلك فى سنة ٨٠٥ ه ، وكان هو أمير الحاج المصرى وتخلف بمكة بعد الحج لتعمير المسجد الحرام.
فلما دخل الحجاج إلى مكة شرع فى تنظيف الحرم الشريف من تلك الأكوام التراب وحفر الأرض وكشف عن أساس المسجد الشريف ، وغير أساس الأسطوانات فى الجانب الغربى من الحرم المحترم ، وبعض الجانب الشامى منه إلى باب العجلة فظهرت أساس الاسطوانات مثل تقاطيع الصلب تحت كل أسطوانة بناها وأحكم تلك الأساسات على هيئة بيوت الشطرنج تحت الأرض وبناها إلى أن رفعها إلى وجه الأرض على أشكال زوايا قائمة وقطع من جبل الشبيكة على يمين الداخل إلى مكة أحجارا صلبة منحوتة على شكل نصف دائرة قصير مع أخرى منحوت مثله دائرة تامة فى سمك ثلثا ذراع وضعت على قاعدة مربعة منحوتة على حد التقطيع الصليبى على وجه الأساس
__________________
(١) السخاوى ؛ هو : شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوى ، المتوفى سنة ٩٠٢ ه من أهم مصنفاته : الضوء اللامع فى أعيان القرن التاسع ، وهو تاريخ كبير جمع فيه الوفيات من ٨٠١ ه إلى سنة ٩٠٠ ه مرتبا على حروف المعجم فى الأسماء والآباء والجدود. كشف الظنون : ٢ / ١٠٨٩.