ويصرف ربعها على أهل الخبر كالتدريس ونحوه ، وكان ذلك بإيثار وزيره خان جهان فوصل ياقوت المذكور بأوراق سلطانية إلى مولانا السيد حسن بن عجلان شريف مكة ـ يومئذ ـ جد أشرافنا الآن جهل الله بوجودهم الزمان.
وكان وصول ياقوت العنانى إلى مولانا السيد الشريف حسن بن عجلان (رحمهالله تعالى) مع هدايا جليلة إليه وقبلها ، وأمره أن يفعل ما أمر به السلطان غياث الدين ، لكنه أخذ ثلث الصدقة على معتاده ومعتاد آبائه ، ووزع الباقى على الفقهاء والفقراء بالحرمين الشريفين فعمهم وتضاعف الدعاء له على الخير والدال عليه ، واشترى ياقوت العنانى لعمارة المدرسة والرباط دارين متلاصقيني على باب أمهانى هدمهما وبناهما فى عامة رباطا ومدرسة ، واشترى أصيلين وأربع رحبات وجعلهما وقفا على مدرسته ، وجعل لها أربع مدرسين من أهل المذاهب الأربعة ، طالبا ، ووقف عليهم ما ذكرنا ، واشترى دار مقابلة للمدرسة المذكورة بخمسمائة مثقالا ذهبا وقفها على مصالح الرباط ، وأخذ منه مولانا السيد حسن بن عجلان فى الدارين اللتين بناهما رباطا ومدرسة ، والأصلين والأربع الرحبات فى مرادة عين الدكانى اثنى عشر ألف مثقال ذهب ، وأخذ منه قدر لا يعلم قدره كان جهزه مع سلطانه لتعمير عين عرفة.
فذكر مولانا السلطان حسن أنه يصرف على عمارته ويقال : إن قدره ثلاثون ألف مثقال ذهب ، ولما قتل الناصر فرج بن برقوق على الوجه الذى تقدم شرحه ما قدم أحد من أمراء الجراكسة على التلبيس بالسلطنة ، فولى المستعين بالله العباسى ـ وكان القائم بتدبير المملكة ـ شيخ المحمودى ـ ثم خلع المستعين بالله وتسلطن مكانه وتلقب ب «الملك المؤيد شيخ» فى مستهل شعبان سنة ٨٥١ ه ، وهو رابع من ملوك الجراكسة ، وكان أصله من مماليك الظاهر برقوق ، واشتراه من تاجر يسمى محمود الهروى ، وكان يحب العلماء والفضلاء ، ويسجل قدرهم.
وفى أيامه وقع الغلاء العظيم بمكة بحيث يبعث الغرارة الحنطة ، وهى جمل معتدل بعشرين دينارا ذهبا ، وكان عاما فى جميع المأكولات وكان ذلك فى سنة ٨٠١ ه.