مكة بهذا العنوان إلى أن وصل إلى مدرسته ، فترجل الناس له وسلم عليهم ، ودخل مدرسته ، ومد له بها السيد الشريف محمد بن بركات سماطا جميلا.
واستمر على ذلك يمد له صبحا وليلا الأسمطة الجميلة ، ومد له فى ثانى يويم قاضى القضاة البرهانى إبراهيم سماطا جميلا ، واستمر السلطان بمدرسته ما ظهر لأحد غير أنه كان يتصدق بالليل كثيرا ، وركب مرة إلى درب اليمن يشاهد ما قدمه له مولانا السيد الشريف من الإبل والخيل وشكر من فضل الشريف ، واستمر بمدرسته إلى أن طلع إلى عرفات ومعه أمامه راكب إلى جنبه وهو شيخ الشيوخ إبراهيم بن الكركى والأمير بشك الجمالى ، وأولاد القاضى يحيى بن الجيعان ، ورمضان المهتار ، ووقف بجبل الرحمة متضرعا إلى الله سائلا من رحمته القبول ، وكانت الوقفة يوم الاثنين فأفاض مع الناس ، وتم حجه ، وقرب للأضاحى غنما كثيربا ، وأهدى شيئا كثيرا ، وكان يناسب أن ينحر شيئا من البدن ، فما أشار إليه أحد بذلك ، وعاد بعد أيام الشريف إلى مكة ، وتوجه الركب المصرى ، وتأخر هو بمكة أياما.
وقرر وظائف مدرسته لأهلها من المدرسين والطلبة ، وقرأه صحيح البخارى ، وقرأه الربعة وخادمها ، وخادم المصحف والسبيل والأيتام والعريف ، والفيه ، والمؤذنين ، وناظر المدرسة ، والوقف ، والجابى ، والصيرفى ، وأصحاب الخلاوى ، ونحو ذلك ، وجعل لكل واحد كفايته من القمحج والدراهم والمرتب ، وكتب بذلك رقعة أشهد على نفسه بذلك فيها ، وعمل من الخيرات ما لم يسبق إليه ، وحضر بنفسه يوم الجمعة لثلاثة عشر ليلة خلت من ذى الحجة بطرف الإيوان الشمالى ، وقاضى القضاة إبراهيم البرهانى بن ظهيرة يصدر الإيوان وقدامه المصحف على كرسى ، وفرق على الحاضرين أجزاء الربعة الشريفة ، وتناول السلطان أجزاء منها كأحد القراء ، وقرأ إلى أن ختم القاضى إبراهيم ، ولم يؤخذ من السلطان الجزء حتى وضعه بنفسه ، وجمعت الأجزاء فى صندوق الربعة الشريفة ، ودعا الداعى ، ومد للحاضرين سماطا وحلوى بدور المدرسة ، ونزل السلطان ، وجلس إلى جنب القاضى إبراهيم وأكلوا ثم سقاهم سكرا وسوبية ، وفرق عليهم فتوحات وانصرفوا ،