جانم الجركسى عن الطاعة ، وخرج معه كاشف البحيرة إنياك بيك ، واجتمع عليهما طائفة من الجراكسة المناجة وجماعة من عصاة العرب الأبالسة ، وأظهروا العصيان ، وأبدوا الخلاف والطغيان.
فأرسل عليهم بكلاربكى مصر يومئذ مصطفى باشا عسكرا ، فقاتلوه فقتلا وقطعت رؤوسهما ، وعلقت زويله ، ثم أرسلت إلى الأبواب العالية وكانت فتنة درأ الله تعالى شرها ، وكفى المسلمين أمرها ، وذلك فى محرم سنة ٩٣١ ه.
الغزوة الثالثة : عود السلطان سليمان إلى كفار أنكدوس ثانيا ، فإن ملك أنكروس المسمى قيراز ظهر منه الخلاف والجدال ، فتوجه إليه لقطع جادته ، ومحو أثره وعادته ، السلطان المرحوم بالجيش الأعظم والجيش العرمرم ، وضرب أوطاقه المظفر فى حلقة لوبكار لإحدى عشر ليلة خلت من رجب الموجب سنة ٩٣٢ ه.
ثم وصل بالعساكر المنصورة إلى أن وصل إلى نهر طراوة ، وبنى عليه جسر من السيفائن ، وعد العسكر المنصور على الجسر ، واستمر إلى أن وصل بدون ، فقاتل قزال الملعون ، بقين من ذى الحجة سنة ٩٣٢ ه.
وفى ذلك الحرب الشديد أنكر قزال الكافر العنيد ، وانتصرت جبيوش الإسلام ، وتفرقت عباد الصليب والأصنام ، وافتتحت فى هذه الغزوة عدة من القلاع المشهورة ، والحصون المعمورة الشديدة ، وصارت من جملة مضافات الممالك الشريفة السلطانية والأقاليم المحروسة المحمية الخاقانية ، من جملة قلعة أويل ، وقلعة مراوان ، وقلعة راجه ، وقلعة برقاص ، وقلعة بوكاى ، وقلعة ركئوار ، وغيرها من قلاع الكفار وحصون أولئك الفجار ، وأعظمها قلعة مردون محل تحت أنكروس الملعون.
فإنها قلعة راسخة البناء ، عالية الفضاء ، سامية إلى عنوان السماء ، تناطح الثريّا ، وتسامى السماء ، وتطاول الجوزاء ، فى غاية الثبات والإتقان واستحكام الوضع والبنيان ، وهى تحت سلاطين أنكروس ، ومقر سلطنتهم المنحوس ، وعند ما أحاط بها حضرة السيلطان وجنوده أهل الإيمان علم من