هذا الجانب الشرقى ميلا ظاهرا محسوسا ، بحيث كان يخشى سقوطه ، ثم علق ، وأسند بالأخشاب فى أيام السلطان الأعظم والخاقان الأجل الأكرم ؛ ملك ملوك العصر والزمان ؛ الحكم السليم الكثير الإحسان ؛ السلطان السليم خان بن السلطان سليمان خان ، أنزل الله عليه شبائب الرحمة والغفران ، فعرض ذلك عليه ، فبرز أمره الشريف ببناء جميع المسجد من جوانبه الأربع على أحسن وضع وأجمل صورة ، وأمر أن يجعل مكان السطح قببا محكمة راسخة الأساس ، لأن خشب السقف يبلى بتقادم الزمان ، وتأكله الأرضة ، والقبب أمكن وأزين وأحسن ، وذلك فى سنة ٩٧٩ ه.
فلما وصل الحكم الشريف ، شرع فيه لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ٩٨ ه ، على وجه جميل بغاية الإحكام والإتقان ، وأسس على التقوى من الله ورضوان ، إلى أن نقل من سرير سلطنة الدنيا إلى ملك لا يبلى وعز لا يفنى وسلطان لا يزول ونعيم لا ينفذ ولا يحول ؛ (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ)(١).
ثم أكمل إتمام عمارة المسجد الحرام فى أيام دولة السلطان الأعظم الهمام الأجل عظما ملك ملوك الإسلام ، سلطان سلاطين الأرض ، مالك بساط البسيطة بالطول والعرض ، القائم بوظائف النفل والسنة والفرض ؛ جدار تدكار العلام ، وسلطانه ، وأمير المؤمنين ؛ الذى جلس على كرسى الخلافة ، فما قدر كسرى وإيوانه الذى غذى بلسان حب العدل والإحسان ، ونشأ على طاعة الله وعبادته منذ كان وإلى الآن ، وأحب العلماء والصلحاء ، وأمدهم بالخيرات الحسان ، إلى أن عجز عن القيام بحق شكره لسان كل ملسان ، مجدد معالم المسجد الحرام هو وأبوه وجده ، ومشيد مدارس العلوم الدينية ، وقد شملها سعده وجده ، ناشر ألوية الأمن والأمان فى جميع الممالك والبلاد ، ظل الله الممدود على كافة العباد ؛ السلطان الأعظم ، والليث
__________________
(١) الآية رقم ١٣ من سورة الغاشية ، مكية.