الغشمشم ، والبحر العطمطم ؛ السلطان مراد ، جعل الله تعالى السلطنة والخلافة كلمة باقية فيه وفى عقبه إلى يوم التناد ، وأزال بنور عدله ظلم الظلم والفساد ، وشتت بسيف قهر شمله أهل الكفر والإلحاد ، وهدم بمعاول بأسه وسطوته الكنائس والبيع ، وعمر بصيت معدلته وصيب عدله ورأفته المساجد والجمع ؛ كما قال الله القوى القاهر فى محكم كتابه العظيم الباهر : (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)(١).
وفى ذلك أقول :
إن سلطاننا مراد كظل الله فى الأر |
|
رض ظاهر السلطان |
ملك صار من مضى من ملوك الأر |
|
رض لفظا وجاء عين المعانى |
ملك وهو فى الحقيقة عندى |
|
ملك صيغ صيغة الإنسان |
ملك عادل ، فكل ضعيف |
|
وقوى فى حكمه سيان |
سيفه والمنون طرفا رهان |
|
لحلوق العدو يبتدران |
كمل المسجد الحرام حيا |
|
فاق فى العالمين كل المبانى |
هكذا هكذا وإلا فلا |
|
إنما الملك فى بنى عثمان |
ولما كان هذا البنيان العظيم الأركان أثرا باقيا على صفحات الزمان دلالا على عظم شأن من أمر به من أعيان الإنسان ؛ كما أشار إليه القائل فى سالف الزمان ؛ شعر :
إن البناء إذا تعاظم أمره |
|
أضحى يدل على عظيم البانى |
جمعت فى هذه الأوراق من أخبار ذلك بما رقّ وراق ، تسير به الركبان إلى سائر الآفاق ، وتسير فى صفحات الدهر كشمس الإشراق ، وتحفظ فى خزائن الملوك والسلاطين كأنفس الأغلاق.
وكان كتابا حسنا فى بابه ، ممتعا لمن تعلق فى أسبابه ، أنيسا تحلو (٢) مؤانسته
__________________
(١) الآية رقم ١٨ من سورة التوبة ، مدنية.
(٢) فى (س) : تحل.