السلاطين والخلفاء ، والملوك والعظماء الكرماء الحنفاء ، فى زمن الأزمان ، فى دولة ملك أودار سلطان ، فالله تعالى يبقى هذه الدولة الشريفة.
ومن خيراته الدارة إجراء العيون ، ومن أعظمها إجراء عين عرفات إلى مكة المشرفة ، وسبب ذلك أن العين التى كانت جارية بمكة فى عين حنين ، وهى من عمل أم جعفر زبيدة بنت جعفر بن المنصور زوجة هارون الرشيد ، واسمها أم العزيز ، وكان جدها المنصور يرفضها ، وهى طفلة ويقول : أنت زبيدة ، فاشتهرت بها ، وكانت من أهل الخيرات ، ولها مآثر عظيمة إلى الآن منها إجراء ماء حنين إلى مكة المشرفة ، وصرفت عليها خزائن أموال إلى أن جرت ، وهى واد قليل الأمطار بين جبال سود عاليات خاليات من المياه والنبات ، وصفها الله تعالى بأنها واد غير ذى زرع ؛ فنقبت أم جعفر زبيدة الجبال ، إلى أن سلك الماء من أرصد الحل إلى أرض الحرم ، وأنفقت على عملها ألف ألف وسبعمائة ألف من الذهب.
فلما تم عملها اجتمع المباشرون والعمال لديها وأخرجوا دفاترهم ؛ لإخراج ما صرفوه بالدجلة ، فأخذت الدفاتر ورمتها فى بحر الفرات وقالت : الحساب ليوم الحساب ، فمن فضل عنده من بقية المال شىء فهو له ، ومن بقى له عندنا شىء أعطيناه ، وألبستهم الخلع والتشاريف ، فخرجوا من عندها حامدين شاكرين ، وبقى لها هذا الأثر العظيم فى العالمين (رحمها الله تعالى) وأسكنها الفردوس الأعلى فى أعلى عليين.
وكانت هذه العين ترد إلى مكة وينتفع الناس بها ، ومنبع هذه العين فى جبل شامخ يقال له طاد ـ بالطاء المهملة بعدها دال المهلمة ـ من جبال الثنية من طريق الطائف ، وكان يجرى المياء إلى أرض يقال لها حنين ، يسقى به نخيل ومزارع مملوكة الناس ، وإليها ينتهى جريان هذا الماء.
وكان يسمى حائط حنين ، يعنى بنى سنين حنين ، وهو موضع غزا فيه النبى صلىاللهعليهوسلم المشركين ، ويقال لتلك الغزوة غزوة حنين ، خيرها مذكور فى كتب سيرة النبى صلىاللهعليهوسلم.