والقلم ، والعلم والعلم ، الأمير إبراهيم نفرى الوردى المهمندار ، بوأه الله جنات تجدى من تحتها الأنهار ، وسقاه من حوض الكوثر زلالا باردا ، يصطفى كل أدام وأوان.
وكان يومئذ قد عزل من منصب الدفتر داريه ، وأمر بالتفتيش عليه ، عن أيام دفتر داريه ؛ فعفى عن التفتيش وأعطته السلطانة خمسيني ألف دينار ذهبا ، بزيادة عشرين ألف ذهبا ، على ما خمنوه ؛ ليصرفها فى عمل هذه العين ؛ فتوجه من البحر إلى مكة المشرفة بتحمل عظيم ، وترق كثير ، وترتيب يعجز عنه كبار البكلاربكيه ، وكان ذا همة عالية وإقدام عظيم ، واهتمام تام ، وكرم نفس وشهامة ، وحسن تدبير ، ومعرفة وحذاقة وفطانة ، وكان بينى وبينه سابقة اجتماع ، وما رأيت أحدا من الأمراء والوزراء والبكلاربكيه مع كثرة من اجتمعت بهم ، أجمل نظاما ولا أحسن ترتيبا وانتظاما ، ولا أدق ذكرا ، ولا أعلى همة ولا أصدق وفاء منه م ، رحمهالله رحمة واسعة ، وغفر له مغفرة جامعة ، وبوأه الفردوس الأعلى ، وأرضى عنه خصماه يوم القيامة.
وكان وصوله إلى بندر جدة المعمورة فى يوم الجمعة لثمان بقين من ذى القعدة سنة ٩٦٦ ه ، فتوجهت إلى ملاقاته لسابق إحسانه إلىّ ؛ فرأيته نزل بوطاقه خارج جده فى جهة الشام ، فعاملنى بالإجلال والإكرام ، وركب من جدة إلى سيدنا ومولانا المقام العالى ، نجم الدنيا والدين محمد بن أبى نمى ، خلد الله سعادته ، وأيد دولته وسيادته ، وكان يومئذ نازلا فى ممد الظهران ، فقابله بالإجلال والتعظيم والترحيب والتكريم ، ومد له سماطا عظيما ، ولاطفه وأكله وأكرمه ، وباسطه وجابره.
فعرض على حضرته الشريفة ما جاء بعدده ، فقوبل بامتثال الأمر الشريف السلطانى ، وبذل الهمة والجهد فى إتمام المهم المنيف الخاقانى ، وأنه يقوم بذلك بنفسه وولده وأتباعه وخدمه.
ثم ركب من عنده مجبور الخاطر ، مسدود الفؤاد ، وتوجه من عنده إلى مكة المشرفة ؛ ملاقاة عند دخوله إلى مكة سيدنا ومولانا المقام الشريف بدر