إلى أن يأتى أمين لإكمال العين من الباب العالى ؛ فبرزت الأوامر الشريفة السلطانية السليمانية بأن يكمل ذلك العمل سيدنا ومولانا شيخ الإسلام القاضى حسين الحسينى المشار إلى حضرته الشريفة آنفا.
فأقدمت بهمته العلية ، أتم إقدام إلى إكمال هذا العمل الشريف ، بالاهتمام التام ، فساعدته السعادة والإقبال على الإتمام والإكمال ، فعمل العمل المبارك فيما دون خمسة أشهر ، بعد أن عجزوا عن إتمامه ، الأمراء المذكورين قريبا ، عن عشرة أعوام وهللت نفوسهم وأموالهم ، وخدامهم ، وما ظفروا بهذا المرام ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم ، فجرت عين عرفات ، وانفجرت ينابيعها الجاريات ، ووصل الماء ، وهو يجرى فى تلك الذبول والقنوات ، إلى أن دخل مكة المشرفة لعشر بقين من شهر ذى القعدة الحرام سنة ٩٧٩ ه.
وكان ذلك اليوم عيدا ، كبر عند الناس ، وزال بوصول ذلك الماء للبلد كل هم وبأس ، وعمل فى ذلك اليوم سيدنا ومولانا المشار إلى حضرته الشريفة أسمطة عظيمة فى الأبطح ببساتينه الواسع الأفيح ، وجمع جميع الأكابر والأعيان فى ذلك المكان ، ونصب لهم السرادقات والصيوان ، وذبح أكثر من مائة من الغنم ، ونحر عدة من الإبل والنعم ، وقدم للناس على طبقاتهم ، أنواع الموائد والنعم ، وخلع على أكثر من عشرة أنفس من المعلمين والبنائين ، والمهندسين خلعا فاخرا ، وأحسن إلى باقيهم بالإحسانات الوافرة ، وتصدق على الفقراء والمساكين ، وأنعم على الكبراء والأساطين ، شكرا هذه النعمة الجزيلة ، وحمدا على هذه المنة الجميلة ، حيث أنعم الله تعالى به على عباده وأحيائها ، وأخصب خير بلاده ، وكان يوما مشهودا ، وسعادة سعيدة ، وزمانا مشهودا.
ثم جهز أخبار هذه البشائر العظمى ، وفضول هذه النعم الجزيلة الكبرى إلى الباب الشريف العالى إلى السلطان الأعظم والخاقان الأكرم الأفخم ، السلطان سليم خان سقاه الله كئوس الرحمة والرضوان ، وحوض الكوثر فى أعلى غرفات الجنان ، وإلى سرادقات الحجاب الرفيع والستر السابل المسبوغ