الدفتردار على يسار الصاعد إلى الأبطح ، وتأسف الناس على فقده ، وترحموا عليه ، وأثنوا عليه خيرا ، رحمهالله ، وخلف ولدا صغيرا اسمه بير أحمد ، وبنتا اسمها خديجة ، وكان وصية عليهما ، عتيقة فرهاد كتخداية ، وفقه الله تعالى وأعانه عليه ، ثم أقيم فى خدمة العين ، والأمير قاسم المذكور سابقا سنجق جدة المعمورة ، أقامه فيها سيدنا ومولانا السيد حسين ، صاحب مكة ، أدام الله تعالى عزه ودولته ، وأمره بمباشرة العمل ، وعرض ذلك على الأبواب الشريفة العثمانية ؛ فبرز الأمر الشريف السلطانى ، باستقرار جانم بيك المذكور فى خدمة العين ، أمينا على مصارفها ، وأن يكون سيدنا ومولانا شيخ الإسلام ، قاضى القضاة ، وناظر المسجد الحرام ، بدر الدنيا والدين القاضى حسنين الحسينى ، خلد الله تعالى ظلال سيادته وأبد قيام سعادته ناظرا على ما بقى من عمل عين عرفات ، إلى أن تصل إلى مكة المشرفة ، واستمر الأمير قاسم مباشرا لتعاطى هذه الخدمة ، وكان لا يخلو من قصور الفهم ، وحب الاستقلال وبعض عناد ، ومما أراد مولانا شيخ الإسلام معارصته ؛ فتركه على رأيه ، وما أراد الله ـ تعالى ـ أن يتم العمل الشريف على يد قاسم بيك ، فكان ثالث الأميرين السابقين ، فتركه الأجل وأدركه الحسين ، وفاز بمرتبه الشهادة ، وصار من شهداء العين ، لليلة خلت من رجب المرجب الفرد الأصب الحرام سنة تسع وسبعين وتسعمائة ، وصلى عليه عند باب الكعبة الشريفة ، ودفن بالمعلاة إلى جانب الأمير محمد بيك الدفتردار المتوفى قبله ، أمين العين المذكور.
واستوفت العيد به ثلاثة من الأمراء الصناجق سقاهم الله شرابا طهورا ، وكان بهم برا رحيما غفورا ، ثم توجه سيدنا ومولانا شيخ الإسلام القاضى حسين الحسينى ، أمد الله ـ تعالى ـ ظلال أفضاله ، وأقام خيام عزته وعظمته وإجلاله ، توجها تاما إلى تكميل ما بقى من عمل عيد عرفات ، باعتبار ما بيده ، من النظر عليها ، حسبة الأحكام الشريفة السلطانية النافذة فى أحكام الأقطار روايحها والجهات ، وجد فى الاهتمام ، وبذل الجهد التام وعرض إلى الأبواب الشريفة ، وفاة قاسم بيك المرحوم ، وعدم تعطيل العمل