القلعة ، وأقدمت بقية العساكر الإسلامية ، وهجمت على الدخول إلى القلعة ؛ فدخلوها ووضعوا السيف فى الكفار ، عبدة الصليب ، وقتلوا منهم ثلاثة آلاف مدرع ، مغلغل من فرقه إلى قدمه فى سابغات الحديد ، ورمى بقية الباقون من أعلى القلعة إلى أسفلها ، وهم زهاء خمسة آلاف نفس من مواغل أقدامهم فى الرمل ، وهربوا مقدار رمية سهم أو سهمين ، وشرعوا فى الترس بأتربة ورمال ، وأرادوا أن يتحصنوا بها ، والمسلمون مشغولون بقتل من بقى فى القلعة ، ونهب الأمتعة والأسباب والأسلاب.
فوجدوا إنها أخشابا وألواحا أعدوها الكفار ؛ لإتقان القلعة ، وإحكامها ، وبارودا كثيرا ، ومدافع ولبوسات ، وآلات الحروب ، ويكسماطا كثيرا ؛ لازوادهم.
وكانت القلعة ؛ بسبب العجلة ، غير محكمة البناء ، وأعجلهم العساكر المنصورة السليمانية الإسلامية عن إتمام إتقانها ، وإتقان استحكامها ؛ فلو تأخروا العساكر المنصورة الإسلامية السليمانية عنهم فى ذلك ؛ لكانوا أتقنوا القلعة إتقانا قويا ، وكان لا يقوى عسكر الإسلام على فتحها بد ذلك ؛ ولكن خذل الله تلك الطائفة الملعونة ؛ بوصول حضرة الوزير المعظم ، بهذاي الجيش العرمرم فى ذلك العام قبل استيفاء استحكام القلعة غاية الإحكام ، وكان ذلك طالع السلطنة الشريفة العثمانية ، وحسن إلهام هذا الوزير المعظم ، ولطف تدبيراته العلية ، ودقة آرائه فى المناصب الجلية.
ثم استمر حضرة الوزير أن يتعقب العساكر المنصورة الإسلامية أولئك الهاربين من الكفار ؛ فتبعوهم ، ووجدوهم قد شرعوا فى عمل مكان يتحصنون فيه ، فهجموا عليهم هجمة واحدة ؛ فتيقن اكفار أن لا مفر لهم ولا محيص ؛ فقاتلوا أشد القتال ، وقاتلوهم المسلمين بالنصال ، وصار الوجه فى الوجه ، والباب فى الباب ، والسيوف مسلولة من الرقاب ، تغوص فى الرقاب ، والخناجر تدق فى الباب ، حتى سالت الدماء كالسيل العجاج العيان إليأن أثبت كافور تلك الدماء شقيقا ، وصير أحجار الغلاة عقيقا ،