السعيد ، وقتا مباركا ومسعودا ، وازدحمت الخلق على مشاهدة طلعته ، والتبرك بوجهه الكريم ، وميمون غرته ، وصاروا يتبركون بالنظر إلى المجاهد فى سبيل الله ، ويطلبون الدعا منه وممن معه من المجاهدين والغزاة ، والأسارى من النصارى مقادون بين يديه بالسلاسل والأغلال ، مقرنين فى الأصفاد ، بشديد الذل والنكال ، ودخلت سفائن العمارة العامرة وأغربتها إلى الأسقالة ، مزينة من خضرة بالبنادق والصناجق ، تخفق عليها رايات الفرح باللنصر ، والظفر والجلالة.
وأطلقت المدافع للحرب ؛ فزلزلت الأرض زلزالها ، وكادت تصم الآذان ، فلا يسمع الناس معاليها ، وعساكر الباب الشريف العالى السلطانى ، وردت صفوفا بعد صفوف ، وتعاطفت عائدة بالنصر والتأييد ألوفا بعد ألوف ، ودخل أيضا القابوذان المعظم المجاهد الكريم الأفخم ، حضرة قلج على باشا المكرم ، لا زال فى حرب البحر مظفرا منصورا ، مسعود القدم ، فقوبل من الحضرة الشريفة السليمانية بغاية القبول والإقبال ، وخوطب بلسان الشكر والتعظيم والإجلال ، وأنعم عليه بسائر مقاصده ومطالبه ، وجعل له غاية ما يتمناه من سؤله مآربه ، وجعل لسائر العساكر المنصورة الإحسان الموفور ، وشكر لهم سعيهم المشكور ، وأعظم من ذلك ما حازوه من الأجر العظيم والثواب الجزيل.
وناهيك بهذا العز والفخر ، وقد بقى لهم هذا الذكر الجزيل على صفحات الدهر ، والله تعالى يديم هذه الدولة الشريفة العثمانية على تداول الليالى والأيام ، ويحمى بحمايتهم كافة المسلمين ويؤيد بتأيدهم ملة الإسلام ، ويبقى أيام سلطنتهم القاهرة على الدوام ، إلى يوم القيامة ، فكم لهم ولأسلافهم الغزاة والمجاهدين فى نصرة الملة الحنفية الغراء ، من يد بيضاء للناظرين ، وكم فتحوا بلاد الكفر ، وصيروها دار إسلام ، على رغم الكافرين والمشركين.
وكاد تلحق فتوحاتهم بفتوح الصحابة (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين) ولقد حكت علماء أئمة الإسلام ، واتفق قول أئمة الأعلام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، وشملهم برحمته ، إنه أرحم الراحمين.