والتوجه إلى الله تعالى ، وقلة الميل إلى الدنيا وزخارفها ، والميل إلى الفقراء والضعفاء والعلماء والتواضع مع حب الناس ، وحب المعدلة والاستقامة ، مع صدق الخدمة ، وكمال الديانة والأمانة ، والإقدام وعلو الهمة ونور الاهتمام.
فطلب من حضرة الوزير المشار إليه هذه الخدمة المنيفة ، وأضيف إليه عمل بقية ذيل عين عرفات ، من الأبطح إلى أخر المسفلة ، بمكة المشرفة ، فإن السلطنة الشريفة أمرت بأن يبنى بها ذيل مستقل ، ولا يجرى فى ذيل عين حنين.
فعهدت هذه الخدم للأمير أحمد المذكور ، وعرض له ذلك إلى الباب الشريف السلطانى ، فوردت الأحكام الشريفة السلطانية بذلك ، حسب ما عرض له ، وأضيف له إلى هذه الخدمة سنجق بندر جدة المعمورة ، تعظيما لشأنه ، وتوقيراص لقدره ومكانته.
وبعد ورود الأحكام الشريفة السلطانية إليه ، أخذ فى أهبة السفر ، وتوجه من مصر من طريق البحر إلى بندر جدة ، ثم وصل إلى مكة المشرفة ، شرفها الله تعالى فى أخر سنة ٩٧٩ ه بهمات غاية الاهتمام ، فيما أمر به من خدمة المسجد الحرام إلى ذلك ، مقدما عليه بغاية الإقدام ، سائلا من الله تعالى الإعانة والإمداد التام.
وكانت الأوامر الشريفة السلطانية ، وردت أن يكون الناظر على هذه الخدمة الشريفة السلطانية ، والمتكلم عليها من جانب السلطنة المنيفة ، سيدنا ومولانا ناظر المسجد الحرام ، ومدرس مدرسة أعظم سلاطين الأنام ، بدر الملة والدين حسين الحسينى ، خلد الله تعالى سعادته عليه.
ففرح بذلك الفرح التام ، وشد نطاق حرمه على مناطق عزمه ، وقام فى الله أحسن قيام ، وحصل بين يدى الناظر والأمير أحمد إليه ، كمال الملائمة والاتفاق ، وبذلك بحصل تمام النجاح والاتفاق ، وجرى عادة بأن الخير كله فى الوفاق ، والشر كله فى الشقاق ، ولم يكن الوفق فى شىء إلا زانه ، ولم يكن العنف فى شىء إلا خانه ، ومن أراد الرفق لعباد الله تعالى ، رفق الله تعالى به وأعانه.