طائفة من الحبوش يقيمون بهذا الجبل ؛ يسمون بهذا الاسم ، يلقبون فيه بالطبل». انتهى.
وأما موضع الكعبة المعظمة ؛ فهو وسط المسجد الحرام ؛ والمسجد الحرام بين هذين الجبلين ؛ فى وسط مكة ، ولها شعاب كثيرة مزورة إذا أشرف الإنسان من جبل أبى قبيس ؛ لا يرى الإنسان جميع مكة ؛ بل يرى أكثرها. وهى : تسع خلقا كثيرا خصوصا فى أيام الحج ؛ فإنه يرد إليها قوافل عظيمة : من مصر ، والشام ، وحلب ، وبغداد ، وبصرة ، والحشا ، ونجد ، واليمن ، ومن بحر الهند ، والحبشة ، والشجر ، وحضرموت ، وغربان جزيرة العرب طوائف لا يحصيهم إلا الله تعالى ، فتسعهم جميعهم ، وأفنيتها ، وجبالها ، ووهادها.
وهى : تزيد عمارتها وتنقص بحسب الأزمان ، وبحسب الولاة ، والأمن ، والخوف ، والغلاء والرخاء.
وهى الآن بحمد الله تعالى فى دولة السلطان الأعظم والفياض الأكرم :معمر هذا العالم بالعدل والفضل والكرم السلطان مراد خان : خلد الله ملكه ، وجعل بساط البسيطة ملكه ، فى أعلى درجات العمارة والأمن والرخاء ؛ بحيث ما رأينا من أول العمر إلى الآن هذه العمارة ولا قريبا منها.
وكنت أشاهد قبل الآن فى زمن الصبا خلو الحرم الشريف ، وخلو المطاف من الطائفين ، حتى أنى أدركت الطواف وحدى من غير أن يكون معى أحد ، مرارا كثيرا كنت أترصد خليا ؛ لكثرة ثواب بأن يكن الشخص الواحد يقوم بتلك العبادة وحده فى جميع الدنيا ؛ وهذا لا يكون إلا بالنسبة إلى الإنسان فقط.
وأما الملائكة لا يخلو منهم المطاف ، بل يمكن أن لا يخلو عن أولياء الله تعالى : ممن لا تظهر صورته ؛ ويطوف خافيا عن أعين الناس ، ولكن لما كان ذلك خلاف الظاهر صار يثاب على أداء هذه العبادة بالانفراد ظاهرا كثير من الصلحاء.