والظاهر (١) : أنه لا يقتضيه ؛ والله تعالى أعلم.
وذهب الإمام أبو يوسف ، ومحمد ، والإمام الشافعى ، والإمام أحمد بن حنبل (رضى الله تعالى عنهما) إلى استحباب المجاورة بها فى قولهم : وإنه الأفضل ، قال : وعليه عمل الناس.
وحكى الفارسى فى منسكه عن المبسوطات : الفتوى على قولهما.
وروى عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من صبر على حر مكة ساعة تباعدت النار عنه مسيرة مائة عام».
وعن سعيد بن جبير : «من مرض بمكة يوما كتب له من العمل الصالح الذى يعمله فى سبع سنين ، فإن كان غريبا ضوعف ذلك» رواهما الإمام الفاكهى (رحمهالله تعالى).
ومحصل ما ذهب إليه أبو حنيفة رضياللهعنه من كراهة المجاورة مبنى على ضعف الخلق عن مراعاة حرمة الحرم الشريف ، وقصورهم عن الوفاء بقيام حق البيت العتيق ، فمن أمكنه الاحتراز عن ذلك ، وعرف من نفسه القدرة على الوفاء بحرمة بيت الله تعالى ، وتعظيمه وتوقيره على وجه تبقى معه حرمة البيت الريف وجلالته وهيبته وعظمته فى عينه وقلبه كما كان عند دخوله فى الحرم الشريف ، ومشاهدة بيت الله تعالى ، فالإقامة بها هى الفضل العظيم والفوز الكبير.
ولا شك فى تضاعف الحسنات ، وأما تضاعف السيئات : فأكثر العلماء على عدم تضاعفها.
ولا شك فى تردد سائر الأولياء إليها فى الأوقات الفاضلة ، فمن لمح أحدهم ، أو لمحه نال السعادة العظمى ، ووردانهم يحضرون الجمعة ، والأوقات الشريفة ، ويحجون كل عام ؛ فكان دأب والدى رحمهالله قبل أن يكف نظره أن يبادر يوم النحر بعد رمى جمرة العقبة إلى مكة ، ويجلس
__________________
(١) فى (س) : والظاهرة.