المصطفى» (١) للسيد نور الدين على السمهودى الشافعى ؛ عالم المدينة فى عصره ، ومؤرخها ومحدثها ، وقد أخذنا عمن أخذ منه ، فنروى عنه بواسطة.
قال : «إن بالمدينة بئرا يعرف ب : بئر زمزم ، لم يزل أهل المدينة ، قديما ، وحديثا يتبركون بها ، ويشربون من مائها ، وينقل عنها ماؤها إلى الآفاق ، كما ينقل ماء زمزم ، ويسمونها : بئر زمزم ؛ لبركتها». انتهى.
رجعنا إلى القضية : قالوا : ومرت رفقة من جرهم يريدون الشام ، فرأوا طيرا يحوم على جبل أبى قبيس ، فقالوا : إن هذا الطير يحوم على ماء فتبعوه ؛ فأشرفوا على بئر زمزم ، فقالوا لهاجر : إن شئت نزلنا معك ، وآنسناك والماء ماؤك نشرب منه ؛ فأذنت لهم فنزلوا معها وهم أول سكان مكة ، ونوفيت هاجر وقبرها فى الحجر ؛ بسكون الجيم ، وشب إسماعيل ، وتزوج من جرهم فتكلم بلسانهم فتعرب ؛ فيقال لبنى إسماعيل : العرب المتغربة ، ويقال لجرهم وقحطان : العرب العاربة والعرب العرباء ، فكان لسان إبراهيم عبرانيا ولسان إسماعيل عربيا ، ثم إن إبراهيم عليهالسلام استأذن سارة أن يزورها هى وابنها ؛ فأذنت له ، واشترطت أن لا ينزل عندها ، فقدم إبراهيم مكة وقد ماتت هاجر ؛ فأتى إلى بيت إسماعيل عليهالسلام ؛ يخرج من الحرم إلى الحل يتصيد ما يعيش به ، فقال لها : هل عندك ضيافة من الطعام والشراب؟ قالت : ليس عندى شىء ، فقال لها : إذا جاء زوجك فاقرئيه منى السلام ، وقولى له : غير عتبة بابك ، وذهب إبراهيم عليهالسلام ؛ فلما جاء إسماعيل عليهالسلام ، قالت له : جاءنى شيخ صفته كذا ، أقرأك السلام ، وقال لك : غير عتبة بابك ، فقال لها : الحقى بأهلك ، وتزوج غيرها ، فملكت إبراهيم مدة.
__________________
(١) وفاء الوفا من أخبار دار المصطفى : لنور الدين على بن أحمد السمهودى ، أوله : «أما بعد ؛ حمدا لله على آلائه ...» ، وفرغ منه فى ٢٤ جمادى الأولى سنة ٨٨٦ بالمدينة ، ثم رحل إلى مكة المكرمة ، فبلغه حريق المسجد النبوى فألحقه فى موضعه من الكتاب المذكور وبيضه بمكة المكرمة فى شوال سنة ٨٨٦ ه ، ألحق به عمارة المسجد النبوى بعد الرجوع إليها فى سنة ٨٨٨ ه ، ورتبه على ثمانية أبواب. كشف الظنون : ٢ / ٢٠١٦ ، ٢٠١٧.