الله تعالى أنه سيحج كل واحد ، ولبى كل واحد بعدد حجه فى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات.
وأما أمر الله تعالى إبراهيم بذبح ولده إسماعيل عليهالسلام قد اختلف العلماء فى أن المأمور بذبحه إسماعيل أو إسحاق ، فقال قوم : هو إسحاق ، وذهب إليه عمر بن الخطاب وعلىّ بن أبى طالب رضياللهعنهم ، وذهب عبد الله بن عمرو ، وابن المسيب ، والشعبى ، ومجاهد ، والحسن البصرى (رضياللهعنهم أجمعين) ؛ أنه إسماعيل ، وقال الإمام أبو زكريا النووى (رحمهالله تعالى) فى كتابه التهذيب (١) : «اختلف العلماء رحمهمالله فى الذبيح هل هو إسماعيل ، أو إسحاق ، فقال قوم : الأكثرون على إسماعيل عليهالسلام ، وممن حج كون الذبيح إسماعيل عليهالسلام الحافظ عماد الدين إسماعيل عليهالسلام ، وممن حج بإسماعيل بن كثير رحمهالله قال : ترحمته ؛ وهو الصحيح ، وروى كعب الأحبار عن رجال قالوا : لما رأى إبراهيم فى المنام أنه يذبح ابنه ، وتحقق أنه أمر ربه ، قال لابنه : يا بنى خذ الحبل والمدية ، وانطلق بنا هذا الشّعب لنحتطب لأهلنا ؛ فأخذ المدية والحبل ، وتبع والده ، فقال الشيطان : لئن لم أفتن عند هذا آل إبراهيم ، لا أفتن أحدا منهم أبدا ؛ فتمثل الشيطان رجلا فأتى إلى أم الغلام ، فقال لها : أتدرين أين ذهب إبراهيم بابنك؟ قالت : ذهب ليحتطب لنا من هذا الشّعب ، فقال لها الشيطان : لا والله ما ذهب به إلا ليذبحه ، قالت : كلا هو أشفق به ، وأشد حاله ، فقال لها : أنه يزعم أن الله أمره بذلك ، قالت : فإن كان الله تعالى أمره بذلك فليطع أمره فخرج الشيطان من عندها
__________________
(١) كتاب التهذيب ، وهو كتاب : تهذيب الأسماء واللغات ، للإمام محيى الدين ؛ يحيى ابن شرف النووى ، المتوفى سنة ٦٧٦ ه ، أوله : الحمد لله خالق المصنوعات ، جمع فيه الألفاظ الموجودة فى مختصر المزنى والمهذب والوسيط والتنبيه والوجيز والروضة ، وقال : إن هذه الست تجمع ما يحتاج إليه من اللغات ، وضم إلى ما فيها جملاء مما يحتاج إليه مما ليس فيهما من أسماء الرجال والملائكة والجن ليعم الانتفاع ، ورتب على قسمين ؛ الأول فى الأسماء ، والثانى فى اللغات. كشف الظنون : ١ / ٥١٤.