وانطلق مضاض بن عمرو ومن معه إلى اليمن ، يحزنون على مفارقة مكة ، وصارت خزاعة حجابة بيت الله الحرام ، وولاه أمر مكة ، وفيهم بنو إسماعيل لا ينازعوهم فى شىء ولا يطلبون إلى أن كثر شأن قصى بن كلاب بن مرة ، واستولى على حجابة البيت وأمر مكة ، وقالوا : قصى أول رجل من بنى كنانة أصاب ملكا بمكة ، فكانت إليه الحجابة والرفادة والسقاية والندوة واللواء والقيادة ، وهو الذى جمع أمر قريش ، فسمى مجمعا ؛ بكسر الميم المشددة ، وفى ذلك قول القائل :
أبوهم قصى كان يدعى مجمعا |
|
به جمع الله القبائل من فهر |
هموا ملكوا البطحاء مجدا وسؤددا |
|
وهم طردوا عنها غزاة بنى عمرو |
وقيل : سميت قريش قريشا ، لتجمعهم على قصى ، والتقرش هو الاجتماع ، وما كان يسمى قبل ذلك قريشا.
وقيل : إن النضر بن كنانة كان يسمى «قريشا» ، واستمر بنو قصى كذلك إلى زمن ظهور النبى صلىاللهعليهوسلم.
وقد أطلنا الكلام فى هذا المقام ، وهو مع ذلك قطرة بحر فانتخبنا منه هذا المقدار لاشتماله على فنون من الاعتبار الخامس ، والسادس : بناء جرهم والعمالقة.
ذكر الأزرقى ذلك ، وذكر بسنده إلى سيدنا أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب رضياللهعنه أنه قال فى خبر بناء جرهم الكعبة : ثم انهدم ، فبنته العمالقة ، ثم انهدم ، فبنته قبيلة من جرهم. قال : وذكر الفاكهى بسنده إلى علىّ بن أبى طالب رضياللهعنه ، أنه قال : أول من بنى البيت إبراهيم عليهالسلام ، ثم انهدم ؛ فبنته جرهم ، ثم انهدم فبنته العمالقة.
قال السيد التقى الفاسى (رحمهالله تعالى) : قلت : هذا يقتضى أن جرهما بنت البيت الشريف قبل العمالقة ، والخبر الأول يقتضى أن العمالقة بنته قبل جرهم ، وبه جزم المحب الطبرى فى القرى ، وذكر المسعودى فى