الأحمر بالشفّاعة فيه ، واقتضى له كتاب أمان بخطّ السّلطان أبي عنان ، وأوفده مع الجماعة من شيوخ العلم بغرناطة ، (ومنهم) (١) القاضيان بغرناطة ؛ شيخنا أبو القاسم الشّريف السّبتي ، (٢) شيخ الدنيا جلالة وعلما ووقارا ، ورياسة ، وإمام اللسان حوكا ونقدا ، في نظمه ونثره.
وشيخنا الآخر أبو البركات محمد بن محمد بن إبراهيم بن الحاج البلّفيقي (٣) من أهل المرية ، شيخ المحدّثين والفقهاء والأدباء والصوفية والخطباء بالأندلس ، وسيّد أهل العلم بإطلاق ، والمتفنّن في أساليب المعارف ، وآداب الصّحابة للملوك فمن دونهم ؛ فوفدا به على السّلطان شفيعين على عظيم تشوّقه للقائهما ، فقبلت الشفاعة ، وأنجحت الوسيلة.
حضرت بمجلس السّلطان يوم وفادتهما ، سنة سبع وخمسين ، وكان يوما مشهودا. واستقرّ القاضي المقريّ في مكانه ، بباب السّلطان ، عطلا من الولاية والجراية. وجرت عليه بعد ذلك محنة من السّلطان ، بسبب خصومة وقدت بينه وبين أقاربه ، امتنع من الحضور معهم عند القاضي الفشتالي ، فتقدّم السّلطان إلى بعض أكابر الوزعة ببابه ، بأن يسحه إلى مجلس القاضي ، حتى أنفذ فيه حكمه ، فكان الناس يعدّونها محنة.
ثم ولاه السّلطان ، بعد ذلك ، قضاء العساكر في دولته ، عندما ارتحل إلى قسنطينة ، فلمّا افتتحها ، وعاد إلى دار ملكه بفاس آخر ثمان وخمسين ، اعتلّ القاضي المقّري في طريقه ، وهلك عند قدومه بفاس.
__________________
(١) الزيادة عن نيل الابتهاج.
(٢) محمد بن أحمد ... بن عبد الله الحسني السبتي الشهير بالشريف الغرناطي ، أبو القاسم (٦٩٧ ـ ٧٦٠) له تأليف ، طبع منها «رفع الحجب المستورة ، عن محاسن المقصورة» ، شرح على مقصورة حازم القرطاجني. ترجمة الشريف في المرقبة العليا للنباهي ص ١٧١.
(٣) أبو البركات محمد بن محمد بن إبراهيم بن الحاج البلفيقي (٦٠٨ ـ ٧٧٠) (بموحدة ولام مشددة وفاء مكسورات ، وقاف بعد مثناة من تحت) ، هكذا ضبطه في طبقات القراء ، وقيده ابن خلدون بفتح الباء وتشديد اللام المفتوحة. المرقبة العليا ص ١٦٤ ، الجذوة ص ١٨٣ ، طبقات القراء ٢ / ٢٣٥.