وبينها هذا الكتاب ، ولما تمّ نشره من كتب تحت إشرافه.
وقد شارك ابن تاويت في نشاط معهد المخطوطات العربيّة التابع لجامعة الدول العربية وكان أول من فهرس محتويات المعهد من المخطوطات.
في أواسط الخمسينات اختارته جامعة أنقرة أستاذا بها لخبرته النادرة بالتّراث العربي المخطوط ، فانتقل الطنجي إلى تركيا ، حيث عمل أستاذا في المعهد الإسلامي في استانبول. وهناك قام بتحقيق «جذوة المقتبس» لأبي عبد الله الحميدي (ت. ٨٨٤ ه. ١٠٩٥ م) والجذوة ، كما ينبّه الجراري ، عبارة عن تراث أندلسي احتوى مجموعة مهملة من تراجم رجالات الفردوس تقع في عشرة أجزاء حديثة. ويرجّح المصدر نفسه أن يكون من أكبر الحوافز على البحوث القيّمة التي قدّمها الطنجي وجوده بين مجلّدات مكتبات استانبول يجول بين الدفاتر والأوراق والخروم كمنقّب يغوص في مختلف الأبحاث ، وهو ما زاد في علمه وتطلّعه للبحث أكثر فأكثر في كنوز التراث.
من آثاره العلميّة أيضا إلى جانب تحقيق «رحلة ابن خلدون» الذي نظنّ أن عمله عليه بدأ في طنجة ، ثم انتقل معه إلى مصر ، وتركيا ، وأتمّه في القاهرة ، حيث كتب له المقدّمة ، تحقيق «أخلاق الوزيرين» لأبي حيان التوحيدي (ت حوالي ٣١١ ه ٩٢٦ م) ، وقد قام بالاشتراك مع العلامة علال الفاسي بتحرير وتقويم نصّ «مختصر العين» لأبي بكر بن الحسن الزبيدي (ت ٣٧٩ ه ٩٩٨) ، والتعليق على حواشيه والتقديم له. وتحقيق وتقديم كتاب «الإعلام بحدود قواعد الإسلام» لأبي الفضل عياض اليحصبي السبتي (ت. ٥٤٤ ه ١١٤٩ م). ويحسب له ، في إطار نشاطه العلمي ، عنايته بالجزء الأول من كتاب القاضي عياض «ترتيب المدارك ، وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك» وقد عارضه بأصوله وعلّق حواشيه وقدّم له ، ولم يظهر هذا العمل إلى النور إلا بعد وفاته.
ولعلّ من بين أسباب سفر ابن تاويت إلى المشرق ، في ما يشبه الانخلاع من المغرب ، وإقامته في مصر وتركيا ، شعورا بالإحباط لا نعرف مصدره ، لكنّ إشارة وردت في ترجمة الجراري له تجعلنا نستنتج ذلك : «... وقد يكون هذا (أي سفره) لأنه لم يجد بغيته الثقافيّة تتحقّق ببلده المغرب. وللبحر متسع من الأرض».