لا يفتر ، وشوق يبتّ حبال الصبر ويبتر ، وضنى تقصر عن حلله الفاقعة صنعاء (١) وتستر ، (٢) والأمر أعظم والله يستر ، وما الذي يضيرك ، صين من لفح السّموم (٣) نضيرك ، (٤) بعد أن أضرمت وأشعلت ، وأوقدت وجعلت ، وفعلت فعلتك التي فعلت ، أن تترفّق بذماء ، (٥) أو تردّ بنغبة ماء ، (٦) أرماق (٧) ظماء ، (٨) وتتعاهد المعاهد بتحيّة يشمّ عليها شذا أنفاسك ، أو تنظر إلينا ـ على البعد ـ بمقلة حوراء من بياض قرطاسك ، وسواد أنقاسك ، (٩) فربّما قنعت الأنفس المحبّة بخيال زور ، وتعلّلت بنوال منزور ، (١٠) ورضيت ، لمّا لم تصد العنقاء ، بزرزور :
يا من ترحّل والرياح لأجله |
|
يشتاق إن هبّت شذا ريّاها |
__________________
(١) صنعاءSana) عرضها الشمالي ١٩ ـ ١٥ ، وطولها الشرقي ١٤ ـ ٤٤) يريد بها صنعاء اليمن ؛ لأنها العظمى والمشهورة ، ومنها كانت تجلب البرود. وانظر ياقوت ٥ / ٣٨٦ ـ ٣٩٤. تاج ٥ / ٤٢١ ، معجم البكري ، الامتاع والمؤانسة ١ / ٨٥.
(٢) تستر : مدينة بخوزستان من كور الأهواز فتحها أبو موسى الأشعري في خلافة عمر ؛ وكانت بها مصانع للثياب والعمائم شهيرة. وقد ضبطها ابن خلدون ، بالحركات ، بفتح التاء الأولى ، وضم الثانية ، وبينهما سين ساكنة ، ولعله راعي في ذلك السجع. والمعروف أنها بضم التاء الأولى وفتح الثانية. وانظر وفيات الأعيان ١ / ٢٧٣ ، وياقوت ٢ / ٣٧٧.
(٣) اللفح : الإحراق ، والسموم (بالفتح) : الريح الحارة.
(٤) نضيرك : وجهك الحسن.
(٥) الذماء (بالفتح والمد) : بقية الروح.
(٦) نغبة ماء : جرعة ماء.
(٧) جمع رمق ؛ وهو بقية الروح.
(٨) جمع ظمئ (بكسر الميم) ؛ وهو الذي اشتد عطشه.
(٩) جمع نقس ؛ وهو المداد.
(١٠) النوال المنزور ، كالنزر : القليل.