فراع ، وواصل الإسراع ، فكأنّما هو تمساح النّيل ضايق الأحباب في البرهة ، واختطف لهم من الشّط نزهة العين وعين النّزهة ؛ ولجّج (١) بها والعيون تنظر ، والغمر (٢) عن الاتباع يحظر ، فلم يقدر إلا على الأسف ، والتماح الأثر المنتسف ، (٣) (والرجوع بملء العيبة من الخيبة ، ووقر الجسرة (٤) من الحسرة) ؛ إنّما نشكو إلى الله البث والحزن ، ونستمطر من عبراتنا المزن ، (٥) وبسيف الرّجاء نصول ، وإذا أشرعت لليأس أسنّة ونصول :
ما أقدر الله أن يدني على شحط (٦) من داره الحزن (٧) ممّن داره صول (٨) فإن كان كلم (٩) الفراق رغيبا ، (١٠) لما نويت مغيبا ، وجللت الوقت الهني تشغيبا ، (١١) فلعلّ الملتقى يكون قريبا ، وحديثه يروى صحيحا غريبا. إيه سيدي! كيف حال تلك الشمائل ، المزهرة الخمائل ، والشّيم ، الهامية الدّيم؟ هل يمرّ ببالها من راعت بالبعد باله ، وأخمدت بعاصف البين ذباله ، أو ترثي لشؤون شأنها سكب
__________________
(١) لججت السفينة : خاصت اللجة.
(٢) الغمر : الماء الكثير.
(٣) المنتسف : المستأصل.
(٤) الجسرة : الناقة.
(٥) المزن : السحاب.
(٦) الشحط : البعد.
(٧) يريد حزن بني يربوع ، وهو قرب «فيد» في جهة الكوفة : من أجل مرابع العرب. ورد ذكره كثيرا في شعرهم. وانظر ياقوت ٣ / ٢٧٠ معجم البكري ٢ / ٤٤١.
(٨) صول (بضم الصاد) : مدينة في بلاد الخزر في نواحي باب الأبواب ، وهو الدربند. والبيت الذي ذكره ابن الخطيب لجندح المري في جملة أبيات أوردها ياقوت ٥ / ٥٩٩.
(٩) الكلم : الجرح.
(١٠) رغيبا : مرغوبا فيه.
(١١) التشغيب : تهييج الشر.