إلى تلمسان التي كانت حاضرة علمية بارزة. وسوف يتكرّر مرات عديدة ظهور ابن خلدون في المدن والأماكن المذكورة آنفا ، لا سيّما بسكرة (على تخوم الصحراء الجزائرية) ، وكذلك تلمسان ، إلى أن يعود إلى المغرب الأقصى سنة ٧٧٤ صارفا نحو سبع سنوات في ذلك الشطر من بلاد المغرب في حركة نشطة ، تارة لنيل العلم على أيدي كبار علماء عصره ، والخطابة والتدريس ، وأخرى في مناصب علميّة ووساطات شبه رسميّة ، في فترات من حكم المرينيين شهدت دسائس وصراعات لم يكن ابن خلدون بعيدا عنها ، وكاد أحيانا أن يكون ضحيّة لها ، لا سيّما في عهد أبي عنان في فاس الذي ناداه ليلتحق بمجلسه العلمي بعدما ذاع صيته في تونس خلال فترة انضمامه إلى حضرة أبي الحسن المريني الذي جمع العلماء من حوله في مجلس معتبر. ومعروف أنّ نهاية فترة أبي عنان ، وهو السلطان نفسه الذي رعى ابن بطوطة ، شهدت ظهور عدد من المتنازعين على السلطة ، وهي فترة قضاها ابن خلدون معتقلا في السجن بسبب انخراطه في اللّعبة السياسيّة ، بكل ما كان يميّزها من مكائد ودسائس ومؤامرات شارك المؤرّخ في بعضها لصالح أبي سالم المريني صاحب بجاية الذي ثار على السلطان أبي عنان يحاول الاستقلال ببلده ، لكنّه لم يستقلّ بها إلا بعد وفاة أبي عنان ، فدخلها وفي ركابه ابن خلدون الذي أفرج عنه سنة ٧٦٠ ه.
VI
وبالعودة إلى الشطر المغربي من رحلة ابن خلدون نراه يغادر بسكرة يوم المولد النبوي ، سنة ٧٧٤ متجها نحو مليانة ، ومن هناك يقصد فاس ، ويتنقّل بينها وبين آسفي على البحر الأطلسي ، قبل أن يقوم برحلة أخرى إلى الأندلس ، يعود بعدها إلى تلمسان ، فالبطحاء ، فمنداس ، فقسنطينة (في الجزائر). وعند هذا الحدّ من جولاته المغربية ، نجده يصل تونس ، ثم يعبر إلى تبسّة الجزائرية ، وتكون تونس مرة أخرى آخر محطة له قبل شروعه في رحلته نحو المشرق.
VII
وصل ابن خلدون إلى مرسى الإسكندرية يوم عيد الفطر من سنة ٧٨٤ ، وحلّ في