أمكن. وبعث معي ابن أخيه عيسى في جماعة من سويد يبذرق (١) بي ويتقدم إلى أحياء حصين بإخراج أبي زيّان من بينهم ، فسرنا جميعا ، وانتهينا إلى أحياء حصين ، وأخبرهم فرح بن عيسى بوصية عمّه ونزمار إليهم ، فنبذوا إلى أبي زيّان عهده ، وبعثوا معه منهم من أوصله إلى بلاد رياح ، ونزل على أولاد يحيى بن علي بن سباع ، وتوغّلوا به في القفر ، واستمريت أنا ذاهبا إلى بلاد رياح ؛ فلما انتهيت إلى المسيلة (٢) ألفيت السّلطان أبا حمّو وأحياء رياح معسكرين قريبا منها في وطن أولاد سباع بن يحيى من الدّواودة ، وقد تساتلوا (٣) إليه ، وبذل فيهم العطاء ليجتمعوا إليه. فلمّا سمعوا بمكاني بالمسيلة ، جاؤوا إليّ فحملتهم على طاعة السّلطان عبد العزيز ، وأوفدت أعيانهم وشيوخهم على الوزير أبي بكر بن غازي ، فلقوه ببلاد الدّيالم عند نهر واصل ، فأتوه طاعتهم ، ودعوه إلى دخول بلادهم في اتباع عدوه ، ونهض معهم ، وتقدّمت أنا من المسيلة إلى بسكرة ، فلقيت بها يعقوب بن علي. واتفق هو وابن مزنى على طاعة السّلطان ، وبعث ابنه محمّدا للقاء أبي حمّو وأمير بني عامر خالد بن عامر ، يدعوهم إلى نزول وطنه ، والبعد به عن بلاد السّلطان عبد العزيز ، فوجده متدلّيا من المسيلة إلى الصّحراء. ولقيه على الدّوسن (٤) وبات ليلته يعرض عليهم التحول من وطن أولاد سباع إلى وطنهم بشرقيّ الزّاب. وأصبح يومه كذلك ، فما راعهم آخر النّهار إلا انتشار العجاج خارجا إليهم من أفواه الثّنية ، فركبوا يستشرفون ، وإذا بهوادي الخيل طالعة من الثّنية ، وعساكر بني مرين والمعقل وزغبة
__________________
(١) البذرقة ، بالذال المعجمة ، وبالمهملة أيضا : الخفارة ؛ والمبذرق : الخفير. وانظر ص ٥٦.
(٢) المسيلة ، بالفتح ثم الكسر ، والياء الساكنة بعدها لام : مدينة بالجزائر ؛ كانت تسمى بالمحمدية نسبة إلى أبي القاسم محمد بن المهدي الفاطمي «القائم» الذي اختطها سنة ٣١٥. وهي واقعة شمال شط الحضنةChott el Hodna ، بعيدة عنه بنحو ٣٨ كيلومترا ؛ وفي الشرق ، إلى الجنوب قليلا ، من مدينة أشيرAchir ، وبينهما نحو ٨٧ كيلومترا.
(٣) تساتل القوم : خرجوا متتابعين واحدا بعد واحد.
(٤) الدوسن ED ـ Dousen قرية من قرى الزاب تبعد ٦٠ كيلومترا إلى الجنوب الغربي من بسكرة.
انظر ترجمة بغية الرواد ٢ / ٢٩٥.