من حمل الدولة ، واستقامة السياسة ، ووقفته على سلامكم ، وهو يراجعكم بالتحية ، ويساهمكم بالدعاء.
وسلامي على سيدي ، وفلذة كبدي (١) ومحل ولدي ، الفقيه الزكي الصدر أبي الحسن نجلكم ، أعزّه الله ، وقد وقع مني موقع البشرى حلوله من الدولة بالمكان العزيز ، والرّتبة النابهة ، والله يلحفكم جميعا رداء العافية والستر ويمهّد لكم محلّ الغبطة والأمن ، ويحفظ عليكم ما أسبغ من نعمته ، ويجريكم على عوائد لطفه وعنايته ، والسلام الكريم يخصّكم من المحبّ الشاكر الدّاعي الشائق شيعة فضلكم : عبد الرحمن بن خلدون ، ورحمة الله وبركاته في يوم الفطر عام اثنين وسبعين وسبع مائة.
وكان بعث إليّ مع كتابه نسخة كتابه إلى سلطانه ابن الأحمر صاحب الأندلس ، عند ما دخل جبل الفتح ، وصار إلى إيالة (٢) بني مرين ، فخاطبه من هنالك بهذا الكتاب ، فرأيت أن أثبته هنا وإن لم يكن من غرض التأليف لغربته ، ونهايته في الجودة ، وإن مثله لا يهمل من مثل هذا الكتاب ، مع ما فيه من زيادة الاطلاع على أخبار الدول في تفاصيل أحوالها. ونص الكتاب :
بانوا فمن كان باكيا يبكي |
|
هذي ركاب (٣) السّرى بلا شكّ |
فمن ظهور الرّكاب (٤) معملة |
|
إلى بطون الرّبى (٥) إلى الفلك |
__________________
(١) قطعة كبدي.
(٢) الإيالة ، بكسر الهمزة : الولاية ؛ يقال : آل على القوم أولا ، وإيالا ، وإيالة بمعنى ولي عليهم. وانظر تفصيل خبر انتقاله إلى المغرب في العبر ٧ / ٣٣٥.
(٣) الركاب ، بكسر الراء : جمع راكب ؛ والسرى ، كهدى : سير عامة الليل.
(٤) الركاب ، ككتاب : الإبل التي تحمل القوم ، واحدتها راحلة ، ولا واحد لها من لفظها.
(٥) جمع ربوة ؛ وهي ما ارتفع من الأرض.