تصدّع الشّمل مثلما انحدرت |
|
إلى صبوب (١) جواهر السّلك |
من النّوى (٢) قبل لم أزل حذرا |
|
هذي النّوى جلّ مالك الملك |
مولاي. كان الله لكم وتولّى أمركم. أسلم عليكم سلام الوداع ، وأدعو الله في تيسير اللقاء والاجتماع ، بعد التفرق والانصداع ، وأقرّر لديكم أن الإنسان أسير الأقدار ، مسلوب الاختيار ، متقلّب في حكم الخواطر والأفكار ، وأن لا بدّ لكل أول من آخر ، وأن التفرق لمّا لزم كلّ اثنين بموت أو في حياة ، ولم يكن منه بدّ ، كان خير أنواعه الواقعة بين الأحباب ، ما وقع على الوجوه الجميلة البريئة من الشّرور.
ويعلم مولاي حال عبده منذ وصل إليكم من المغرب بولدكم ، (٣) ومقامه لديكم بحال قلق وقلعة ، (٤) لو لا تعليلكم ، ووعدكم ، وارتقاب اللطائف في تقليب قلبكم ، وقطع مراحل الأيام حريصا على استكمال سنّكم ، ونهوض ولدكم واضطلاعهم بأمركم ، وتمكّن هدنة وطنكم ، وما تحمّل في ذلك من ترك غرضه لغرضكم ، وما استقرّ بيده من عهودكم ، وأن العبد الآن لما تسبّب لكم في الهدنة من بعد الظهور والعز ، ونجح السّعي ، وتأتّى لسنين كثيرة الصّلح ، ومن بعد أن لم يبق لكم بالأندلس مشغب من القرابة ، وتحرك لمطالعة الثغور الغربية ، وقرب من فرضة
__________________
(١) الصبوب ، بالضم : الموضع المنحدر ، كالصبب ؛ وبه فسر وصف النبي صلىاللهعليهوسلم : «كأنما ينحط من صبب».
(٢) النوى ، مؤنثة : الوجه الذي ينتويه المسافر من قرب أو بعد ..
(٣) حين خلع ابن الأحمر ، انتقل بأهله وولده إلى السّلطان أبي سالم المريني بالمغرب ، يستغيث به لإرجاع ملكه ، وكان بصحبته ابن الخطيب ؛ وقد أكرم نزلهم الملك المريني. وحين عاد لابن الأحمر ملكه ، ذهب إلى الأندلس ، وترك أهله وولده في ضيافة بني مرين ، وبعد استقراره بدار ملكه ، لحق به ابن الخطيب ومعه ولده. إلى هذا يشير في هذه الرسالة. وانظر العبر ٧ / ٣٠٦ ، ٣٣٤.
(٤) يقال : مكان قلعة (كهمزة) : ليس بمستوطن ، وهو على قلعة : أي رحلة.