ملك ، واعتقاده ، وبرّه ، والسؤال عنه ، وذكره بالجميل ، والإذن في زيارته ، نجابة منكم ، وسعة ذرع (١) ودهاء ، فإنّما كان ابن الخطيب بوطنكم سحابة رحمة نزلت ، ثم أقشعت ، (٢) وتركت الأزاهر تفوح ، والمحاسن تلوح ، ومثاله معكم مثال المرضعة أرضعت السياسة ، والتّدبير الميمون ، ثم رقدتكم في مهد الصّلح والأمان ، وغطّتكم بقناع العافية ، وانصرفت إلى الحمّام تغسل اللبن والوضر ، وتعود ، فإن وجدت الرّضيع نائما فحسن ، أو قد انتبه فلم تتركه إلا في حدّ الفطام. ونختم لكم هذه الغزارة (٣) بالحلف الأكيد : إني ما تركت لكم وجه نصيحة في دين ، ولا في دنيا ، إلا وقد وفّيتها لكم ، ولا فارقتكم إلا عن عجز ، ومن ظنّ خلاف هذا فقد ظلمني وظلمكم ، والله يرشدكم ويتولّى أمركم. ونقول : خاطركم في ركوب البحر.
انتهت نسخة الكتاب ، وفي طيّها هذه الأبيات :
صاب (٤)مزن(٥) الدموع منجفن صبّك (٦) |
|
عند ما استروح (٧) الصبا من مهبّك |
كيف يسلو يا جنّتي عنك قلب |
|
كان قبل الوجود جنّ بحبّك |
ثم قل كيف كان بعد انتشاء ال |
|
روح (٨) من أنسك الشّهيّ وقربك |
__________________
(١) يقال : رجل واسع الذّرع ، والذراع : أي متسع الخلق.
(٢) أقشع السحاب : تفرق وأقلع.
(٣) الغزارة : الكثرة من كل شيء ؛ ويريد هنا : الكثرة من الكلام ليس تحتها طائل. و «العرارة» ، بالعين المهملة : سواء الخلق.
(٤) صاب المطر ، يصوب : نزل.
(٥) المزن : السحاب.
(٦) الصب : العاشق.
(٧) استروح : اشتم.
(٨) انتشاء الروح : سكر الروح ، من انتشى بمعنى سكر.