فممّا كتب عن سلطانه إلى سلطان تونس جوابا عن كتاب وصل إليه مصحوبا بهدية من الخيل والرّقيق ، فراجعهم عنه بما نصّه إلى آخره :
الخلافة التي ارتفع في عقائد فضلها الأصيل القواعد الخلاف ، واستقلّت مباني فخرها الشائع ، وعزّها الذائع ، على ما أسّسه الأسلاف ووجب لحقّها الجازم ، وفرضها اللازم ، الاعتراف ، ووسعت الآملين لها الجوانب الرحيبة والأكناف ، فامتزاجنا بعلائها (١) المنيف ، وولائها الشريف ، كما امتزج الماء والسّلاف ، وثناؤنا على مجدها الكريم وفضلها العميم ، كما تأرجت الرياض الأفواف ، (٢) لما زارها الغمام الوكّاف ، (٣) ودعاؤنا بطول بقائها ، واتصال علائها ، يسمو به إلى قرع أبواب السموات العلا الاستشراف ، (٤) وحرصنا على توفية حقوقها العظيمة ، وفواضلها (٥) العميمة ، لا تحصره الحدود ، ولا تدركه الأوصاف ، وإن عذر في التّقصير عن نيل ذلك المرام الكبير الحقّ والإنصاف. خلافة وجهة تعظيمنا إذ توجّهت الوجوه ، ومن نؤثره إذا أهمّنا ما نرجوه ، ونفدّيه ونبدّيه (٦) إذ استمنح
__________________
(١) العلاء : الشرف.
(٢) كذا بالأصول ؛ ولعل أصل الكلام : «الرياض بالأفواف» ؛ والفوف ، بالضم : الزهر ، والجمع أفواف.
(٣) وكف الماء : سال.
(٤) الاستشراف : التطلع إلى الشيء.
(٥) الفواضل : الأيادي الجميلة.
(٦) فداه : قال له جعلت فداك ؛ ونبديه : نبرزه. ولعل المعنى : نضعه في مكان بارز ممتاز.